/ صفحه 104/
وقد طبق على هذا المبدأ كل أحكام الطلاق.
فقرر عدم وقوع الطلاق بقول الزوج لزوجته ((أنت طالق اثنتين أو ثلاثا في لفظ واحد، أو في مجلس واحد)) وقرر عدم الاعتداد بالطلاق الذي يطلق به الزوج امرأته وهي حائض، وعدم الاعتداد بالطلاق الذي يكون في الطهر الأوّل وإن لم يمسها فيه.
فقرر وجوب إشهاد عدلين على الطلاق، وعدم الاعتداد بالطلاق الذي يستشهد عليه عدلان.

وقرر أن الطلاق إنما هو من حقّ الزوج فقط لقوله صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم) ((إنما الطلاق لمن أخذ بالساق)) وأخرج عن ذلك طلاق الاجنبى سواء أكان حالا كقوله للاجنبية أنت طالق، أومآ لا كقوله لها: ان نكحتك فأنت طالق. كما أخرج عن ذلك طلاق الوكيل الذي وكله الزوج ليطلق زوجته ويدخل في معنى الوكيل المفوض اليه في طلقة أو أكثر، والزوجة التي خيرها زوجها في طلقة أو أكثر، فكل هؤلاء لا يصح منهم الطلاق.
وقرر أن القاضي أجنبى كهؤلاء.
وقال في هذه المسألة:
القاضي: وهو بالطبع غير زوج، وإذا كان كذلك فهو أجنبي لا يصح طلاقه. والأدلة على هذا واضحة وذلك لأن القرآن ـ كما سبق تقريره غير مرة ـ يخاطب الزوج فقط في أمور الطلاق ولا يخاطب غيره. ولعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلى الله عليه وسلم)ولا طلاق له فيما لا يملك)) هذا الحديث لا يستثنى أحداً حق النّاس ولو كان قاضياً. فالصلة بين القاضي وزوجة الرجل تكون صلة بين الأجنبي والأجنبية. حقاً هناك فرق بين القاضي والأجنبي غيرالقاضي وذلك لأن للقاضي ولاية عامة في الشئون الدينية. ولكن هذه الولاية لا تبرر له أن يكون نائباً عن الزوج في الطلاق لأن الله ورسوله لا يأذنان بالطلاق لغير الزوج. فواجب القاضي لا يتعدى حفظ النظام في تحقيق العدالة. فإذا رفعت الزوجة الأمر إلى القاضي وطلبت منه أن يفرق بينها وبين زوجها والزوج مُصرٌ على عدم الطلاق أو كان غائباً ـ فعلى القاضي أن ينظر: هل أدى الزوج واجبه نحو مرأته من نفقة وغيرها مما قرره الإسلام على الزوج، وهل في الزوح عيب لا يصح اله أن يمسك الزوجة مع وجود ذلك العيب; فإذا ظهر له أن الضرر قد لحق الزوجة بسبب من الأسباب التي لا تستقيم معها الحياة الزوجية كان له أن يفسخ العقد لا أن يوقع الطلاق. وإنما جاز له حق الفسخ لقوله(عليه السلام) ((لا ضرر ولا ضرار)) وقوله تعالى ((وما جعل عليكم في الدين من حرج)) ومن المعلوم أن الآية السابقة والحديث السابق قد اتفق الفقهاء على جعل مفهومها قاعدة عامة يؤخذ بها في الأحكام.