/صفحة 393/
يشرع الواحد منهم في بناء جديد أن يترقب أول مارّ بجوار البناء فيقيس ظله بخيط ويضع هذا الخيط تحت أول حجر يوضع في العمارة، ويعتبر هذا تضحية. ويزيد لديه هذا الاعتبار قوة أنه يعتقد أن صاحب هذا الظل لا بد أن يموت عما قليل. وهذا هو أغرب أنواع التضحية. وهو لا يختلف في دلالته عن النوع السابق: فكلاهما تمثيل لتضحية إنسانية كانت متبعة قديما.
* * *
وقد اختلفت الضحايا والقرابين فيما يتعلق بأساليب تقديمها، كما اختلفت فيما يتعلق بنوعها. غير أن أشهر هذه الأساليب وأكثرها انتشارا في الأمم هو تقديم الأضحية إلى الآلهة بإلقائها جميعا أو بعض أجزائها في النار، وانتشار الدخان المنبعث من حرقها في أرجاء المذابح والهياكل المقدسة، وتصاعد رائحتها "التي تعجب الآلهة" (كما تقول أسفار العهد القديم) في طبقات الفضاء. وهذه الطريقة وحدها هي التي أقرها العهد القديم في معظم أنواع القرابين، حتى في قرابين النبات وما يصنع منه كالدقيق والفطائر كما تنص على ذلك الإصحاحات الأول والثانى والسادس والسابع وغيرها من سفر اللاويين الذي جاء معظم فقراته وقفا على بيان أنواع الضحايا وأحكامها وطقوسها وأوقاتها وناهج تقديمها. ولا غربة في ذلك، فإن هذا السفر قد جاء لبيان وضائف اللاويين (أفراد قبيلة من قبائل بنى إسرائيل، وتتألف من أوولاد لاوى وهو أحد أبناء يعقوب) وتفصيل حقوقهم وواجباتهم نحو بقية قبائل بنى إسرائيل. وأهم الوظائف التي نيطت بهم كانت تتصل بالإشراف على المذابح وأعمال التضحية وتقبل القربان وتقديمها.
ومن طرق التقيدم كذلك الاكتفاء بالذبح وإراقة الدماء. وهذه هي الطريقة التي أقرها الإسلام في أضحية العيد وفي هدى الحج وذبائح التكفير لإغفال نسك من مناسك الحج أو عدم التمكن من القيام به لغذر أو إحسار أو نحو ذلك.