/صفحة 241/
3 ـ ولكي نتعرف أحكام الإسلام لا نرجع إلى عهود الجاهلية، بل نرجع إلى العهد الإسلامي الأول حيث كان الشرع ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يؤخذ الشرع الإسلامي كما يؤخذ من أقواله وأحاديثه الشريفة.
ولعل أول أرض استولى عليها المسلمون بعد الهجرة هي أرض بني النضير، وذلك لأنهم بعد الواقعة التي اختبر الله فيها المؤمنين ليمحص قلوبهم ـ خانوا العهد، وحالفوا المشركين مخالفين بذلك ما تعاهدوا عليه، ولذلك أخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم من جواره ليأمن شرهم، وهؤلاء هم الذين نزل في أموالهم قوله تعالى: " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين، وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب، ولكن الله يسلط رسله على من يشاء، والله على كل شيء قدير، ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول، ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم، وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب، للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضواناً، وينصرون الله ورسوله، أولئك هم الصادقون، والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" .
4 ـ وإن هذا النص صريح في أن ذلك الفئ بأرضه ومنقوله وثمره يكون لبيت المال يوزعه على فقراء المهاجرين والأنصار لكيلا يكون دولة بين الإغنياء، ولم يصرف على غيرهم، لأنه لم يكن ثمة فتح. وقد قسم على المهاجرين وفقراء الأنصار أموال بني النضير، وما ناله المهاجرون كان أكثر مما ناله الأنصار، وذلك لكثرة الحاجة في المهاجرين، لأنهم خرجوا من أموالهم وديارهم يبتغون فضلا من الله ورضواناً، وأما الأنصار فقد كانت الحاجة فيهم