/ صفحه 45 /
وبالتالي، فإن ما ذكرته عن حكم العقل لا يعدو أن يكون إشارة عابرة إلى مبادئ عامة، وقد تكلم عنه الأصوليون في مجلدات ضخمة وإني أرشد من يجب الاطلاع والتفصيل إلى الجزء الثاني من تقريرات الخراساني للمرز النائيني.
القرآن:
5 ـ وتكلم المؤلف عن القرآن الكريم، وتمسك الشيعة به، وتعظيمهم له، وأنه المصدر الأول عندهم للأصول والفروع، وأصاب كبد الحقيقة بقوله: " لقد رووا روايات عن الإمام جعفر الصادق نقطع بكذبها عليه تفيد نقصاً في بعض آي القرآن... وإن العلية من علماء الامامية ضعفوا هذه الروايات المنسوبة إلى بعض آل البيت ". ونحن نقطع أيضاً بأن العلية من علماء السنة قد تبرءوا ممن شذ منهم. وقال بأن النقصان حاصل من بعض آى القرآن، كما نقل أحمد بن حنبل في الجزء الخامس من مستنده، وابن الاثير الجزري في جامع الأصول، والسيوطي في الإتقان (1) ونشكر المؤلف على إنصافه، حيث نفي القول بالنقصان عن مذهب الامامية، ولكن يحق لنا أن نعتب ـ كما أظن ـ لأنه اعتمد، وهو يتكلم عن القرآن عند الشيعة، على تفسير الصافي، وتفسير علي بن إبراهيم القمي، وكان من نتيجة ذلك أن نسب إلى الامامية القول بأنهم يمنعون عن تفسير القرآن: " من لا يقتدي بأئمتهم، ولا تكون أفكاره ومنازعه متجهة إليهم، وقلبه قد تشبع بحبهم ". ولا أدري لماذا لم يعتمد المؤلف على تفسير مجمع البيان، مع أنه أعرف وأشهر وأكثر تداولا، وأجود طباعة وصاحبه الشيخ الطبرسي قدوة عند الامامية في التفسير، وقد قال في مقدمة المجمع: " إن تفسير ظاهر القرآن جائز لكل من عرف العربية والاعراب، ورد الحديث الذي رواه السنة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، " من فسر القرآن برايه فأصاب فقد أخطأ ". رده بقوله إن معناه إن صح: أن من فسره على رأيه بغير شاهد من كلمات القرآن، أو إن معناه من فسر مثل آية: " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ". فعين أعيان الصلاة وأعداد ركعاتها، ومقادير النصب في الزكاة من غير بيان الرسول الأعظم.
ــــــــــ
(1) نقلا عن الجزء الأول من أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين.