/ صفحه 406/
الحكم الأجنبي
في القرآن الكريم
لفضيلة الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي
الأستاذ بكلية اللغة العربية
ــــ
إن هذا القرآن الكريم لكما قال علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه: لا تفتي عجائبه، ولا تنفد غرائبه. فكلما قلبنا النظر في القرآن وجدنا فيه إشارات فجيبة إلى حقائق جديدة من العلوم على اختلاف أنواعها، ومن ذلك مسألة الحكم الأجنبي، وهو المعروف الآن باسم الاستعمار، وقد أدرك الناس الآن أنه في الدنيا أصل البلاء، وأنه أكبر أسباب الفساد، لأنه هو الذي يثير الطمع في الدول الكبيرة، فيدفعها إلى التحارب في سبيل الاستيلاء على الدول الصغيرة، وتقوم بذلك الحروب المتواصلة في العالم، فلا تنتهي إلا لتقوم حرب أخرى في سبيل ذلك الاستعمار الآثم، وكلما قامت حرب كان لها أثرها في إفناء العبادن وتخريب البلاد، فتكثر البلايا في الناس، وتنتشر الشرور بينهم، وتقل الأرزاق، ويعظم الغلاء، وتظهر المجاعات، وكل هذا بسبب شغف تلك الدول الكبيرة بذلك الاستعمار الآثم.
فإذا وقعت دولة صغيرة فريسة لدولة كبيرة فإنها تعمل على إضعافها وإذلالها، وتسعى في نشر أسباب الفساد بينها، وتعمل على التفريق بين أبنائها، ليستقر لها حكمهم، ولا بوجد بينهم من يقوى على مناوأتها، ويسعى لتخليص بلاده من حكمها، هذه هي قاعدة تلك الاستعمار الآثم ـ فرق تسد.
وقد سبق القرآن الكريم إلى ما أدركه الناس الآن من الحكم على ذلك الاستعمار الآثم، فقال تعالى في الاية ـ 34 ـ من سورة النمل على لسان ملكة سبأ فيما كان بينها وبين سليمان بن داود (عليهما السلام): " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون " فالمراد الملوك الأجانب الذين يطمعون