/ صفحه 242/
الوحدة الإسلامية
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة
وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة
ـ 3 ـ
1 ـ انتهينا في مقالنا السابق إلى أن الوحدة الإسلامية تتكون من عناصر ثلاثة لابد منها لتحقق في أقل صورها، وتلك العناصر قد ذكرناها إجمالا، وهي التوحيد الفكري والنفسي، ومنع التنازع بين الأقاليم الإسلامية اقتصاديا أو سياسيا، بله حريباً، والعنصر الثالث إيجاد أسباب التعارف المستمر بين المسلمين، آحاداً بعد التعارف الجماعي.
وإن هذه العناصر لا يغني فيها الاجمال المطلق عن التفصيل النسبي، فلابد من توضيح بقليل من القول لا يخرجنا من الإيجاز إلى الإطناب، فإن الإطناب فيها يحتاج إلى مبسوط القول، والى اشتراك العلماء المتخصصين في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، ولذلك نكتفي بجهد المقل.
2 ـ وإن التوحيد الفكري والثقافي والنفسي لا يحتاج إلى إنشاء، ولكنه يحتاج إلى توجيه وجمع، فإن الأصل قائم ثابت، وحيثما اتجهت إلى بلد إسلامي، فإنك تحس بأنس الاتفاق النفسي والفكري، وتجد الفكرة الجامعة قائمة، والأمر الجامع لأساليب الفكر الاسلامي ثابتاً، ولا يوجد بين أهل دين، أو أهل مذهب اقتصادي أو اجتماعي، من تتلاقي أفكارهم حول اتجاه معين لا يحول ولا يزول، كما تجده بين المسلمين، ولقد قدر لي في الندوة الإسلامية الكبرى التي عقدت بلاهور أن ألتقي بالوفود التي نزعت من البلاد الإسلامية على اختلاف الطوائف فيها، فما وجدت نفرة فكرية بيني وبينهم، لا فرق في ذلك بين سني وشيعي، ولا بين صيني وروسي وتركي، وإن كانت نفرة بيننا وبين أحد، فما كانت إلا بيننا