/ صفحه 228/
ممكنا، ولم يكن فيما طلبه متجنيا ولا متعنتا، ومن التمس أحسن الأشياء على معني الحسن التفصيلي الجزئي الذي لا يشذ في أية ناحية؛ فذلك هو صاحب الشطط، وطالب المحال!.
والله سبحانه وتعالى هو وحده الموصوف بالكمال على الإطلاق، وجميع أسمائه الحسنى هي عبارات عن الظاهر التفصيلية لكماله في جماله وجلاله، ومع ذلك فإن اجتلاء عظمته الإلهية إنما يكون إذا نظرنا إلى جميع صفاته منضما بعضها إلى بعض: فكماله لا يرجع إلى كونه رحيما فقط، أو عزيزاً فقط، أو عدلا فقط، أو حكيما فقط، ولكن يرجع إلى مجموع هذه الصفات كلها، وكلها صفات كمال حقا، ولكن عظمتها في اجتماعها، وفي اعتبار كل منها مع انضمامه إلى غيره.
ولذلك نرى القرآن الكريم يسوق جملة من أسماء الله الحسنى دون أن يعطف كلا منها على الآخر بحرف، فيقول: " هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر " فهذا النسق من التتابع الخالي من العطف؛ يفيد أن كل واحد منها لاحق بالآخر، متعاون معه على بيان معنى معين كامل.
* * *
فإذا كان الاجتماع والكلية هما أساس الحقيقة، ومظهر الكمال والفوق في كل شئ حتى فيما لله من صفات وأسماء؛ أفلا يوحى ذلك إلى الأمة الواحدة أن تبدو كلا لا يتجزأ، ومجموعا لا يتفرق، لتتآزر عناصرها الصالحة الكثيرة فيشد بعضها بعضا، ويغمر صلاحها ما عسى أن يكون من نقص أو ضعف في بعض نواحيها:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذ افترقن تكسرت آحادا