/ صفحه 371/
من قصص الاستطراد
في الشعر العربي
للاستاذ على النجدي ناصف
استعرت الاستطراد هنا من الاستطراد في علم البديع، إذ كانت المناسبة بين الاستطرادين حاصلة، بل قريبة واشجة. فالاستطراد في البديع: أن يشرع المتكلم في فن من فنون القول، ثم لا يسترسل فيه حتى يبلغ نهايته، ولكن يخرج منه إلى فن غيره لداعية مسوغة، ثم يرجع إلى ما كان فيه من قبل، كقوله تعالى: ((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل، وقرآن الفجر، إن قرآن الفجر كان مشهودا. ومن الليل فتهجد به نافلة لك)).
فقوله جل ذكره: ((وقرآن الفجر)) من الاستطراد؛ لأن فيه خروجا من ذكر الليل إلى ذكر قرآن الفجر. وقوله: ((ومن الليل فتهجد به)) عود إلى ما كان من ذكر الليل.
والاستطراد هنا أن يعدل الشاعر عن الموضوع الذي يقول فيه، إلى موضوع آخر له به اتصال، فيصنع منه قصةيستعين بها على عرض صورةالموضوع الأول كما تتمثل له من الوضوح والكمال.
فالاستطراد البديعي انتقال إلى فكرةتقتضيها فكرةقبلها. أما الاستطراد القصصي فانتقال إلى موضوع آخر لتفصيل أحواله، وبسط القول فيه، حتى تتألف منه قصةاقتضاها القصد إلى البيان وكمال التصوير، كقول امرىء القيس يصف فرسه:
كأاني بفتخاء الجناحين لقوة صيود من العقبان طأطأت شملال(1)
*(هوامش)*
(1) طأطأت: دانيت، أو أسرعت، من طأطأ فرسه، أي نحزه (دفعه) بفخذيه وحركه، شملال: سريعة.