/ صفحه 248/
ونحن نقول في الجواب: إن كل ما قلناه ينطبق على العصر الحاضر، وإنه ينفع الأمم الإسلامية المعاصرة كما كان نافعا للأمم الإسلامية الماضية، يتبين ذلك بالنظرة الفاحصة، والروية المتأنية.
ونحن سنطبق بعض ما قلناه من الأسباب: ألم نقل إن من أسباب الخلاف السلطان القاهر، فإنه يوجه الأمم المحكومة لمصلحته، ولو كان ذلك في غير مصلحة المحكومين، ونريد بالسلطان: السلطان الظاهر والسلطان الخفي، وما بين هذه الدول التي ذكرت، سببه السلطان الخفي من الدول العظمى التي تتنازع امتلاك العالم وتريد أن تدخل الجانبين في هذا الصراع.
هذا هو السر في أن اجتماعات الدول العربية لا تسفر إلا عن معسول من القول وكثير من المجاملات، وهذا هو السر في أن البيانات التي تصدرها بيانات لا تنفذ ولايرتبط الجميع بما فيها، يضطر أحدهم أن يقول أو يكتب أو يوافق على ما يخالف مصلحة السلطان الخفي فيفعله مجاملة للمجتمعين، وفي نفسه ألا ينفذ منه حرفا أو يرتبط منه بمبدأ، لا فرق في ذلك بين أن يكون الاجتماع على مستوى عال أو على مستوي خفيض.
معذور هؤلاء فإنهم مضطرون إلى أن يرضوا أممهم ويرضوا السلطان الخفي، والثاني لا يرضى إلا بالفعل، والأولون ترضيهم الكلمة الطيبة والأمنية البراقة، ولكن ذلك إن أجدى مرة فلن يجدى فيما بقي من المرات، وإن نفع سنة فلا ينفع فيما بقي من السنوات.
أننا حريصون على سمعة أمتنا وملوكنا وأمرائنا ويسوءنا، بل يؤسفنا أن يتندر بهم عدوهم المشترك: إسرائيل، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل إنهم تكاشفوا وتراموا بنصال القول وسيء التهم، فلا يعجبني من الصحافة المصرية أن تذكر آلاء مصر على الأردن، وما أسدته إليها من طائرات وأسلحة، وما أعانتها به حتى تخلصت من حاكم مطلق كان يسير جيش الأردن على يحسب إرادته وهو جلوب باشا، وما أشركتها به في مالها حتى تكفلت لها بخمسة ملايين من الجنيهات من ميزانيتها تدفعها لها في كل عام لتستغني بها عن معونة بريطانيا.