/ صفحه 189/
رأي في آية من آيات القتال
لفضيلة الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي
الأستاذ بكلية اللغة العربية
قد وردت آيات قتال غير أهل اكتاب وفيها ما يدل صراحة على أن قتالنا لهم لسبق قتالهم لنا، كما قال تعالى في الآية - 190 - من سورة البقرة: ((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)). فهي صريحة في أن الأمر بالقتال في سبيل الله للذين يقاتلوننا، كما أن فيها نهيا صريحا عن الاعتداء عليهم بقتالهم من غير سبق قتال منهم، ومثلها في هذا كل الآيات التي وردت في قتال غير أهل الكتاب، وهي كثيرة في القرآن الكريم.
وقد وردت في القرآن آية واحدة في قتال أهل الكتاب، وهي قوله تعالى في الآية -29- من سورة التوبة: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فلم يُعَن فيها بالنص على أن قتالنا لهم لسبق قتالهم لنا، حتى يحرم علينا الاعتداء عليهم بالقتال قبل أن يقاتلونا، ويكون شأنهم في هذا مثل شأن غيرهم سواء بسواء، ولكن عني فيها بأمور أخرى تقتضي قتالهم، وهي عدم إيمانهم بالله واليوم الآخر، وعدم تحريمهم لما حرم الله ورسوله وعدم تدينهم بدين الحق، والحقيقة أن هذه الأمور على ما فهمها المفسرون لا تقتضي قتالهم، ويحب أن تفهم على وجه آخر يجعلها تقتضي حقا هذا القتال، وتجعل قتالنا لأهل الكتاب كقتالنا لغيرهم، قتالا يرجع إلى اعتدائهم بالقتال علينا، فنقاتلهم كما يقاتلوننا، ولا يصح أن يكون أهل الكتاب، في هذا أقل شأنا من غيرهم، وقد نزلت هذه الآية في غزوة تبوك، وكانت هذه الغزوة لدولة الروم