/ صفحه 164/
الماضي. هو تلك الطبيعة الحية المرنة. إنه صاحب العواطف والشعور والإرادة، وإن عالم هذه الأمور الثلاثة الذي تنمو فيه، هو عالم القيم المعنوية، وليس عالم المنفعة المتبادلة وحدها.
وإذا كانت التعبئة الروحية هي تعبئة النفس بالإيمان بالله، وبالوطن، فالمواطن المصري إذا أريد به أن يعد إعدادا روحيا فإنما يكون هذا الأعداد على وفق القيم الإسلامية التي تتنشد للإنسان استقلال شخصيته الفردية، وشخصية جماعته، وهي أمته وشعبه، ولا يكون الفرد ذا استقلال شخصي إلا إذا كان له طابع إيجابي في حياته:
في السلوك الخلقي، والعمل من أجل نفسه. ولا تكون جماعته ذات شخصية استقلالية متميزة عن شخصية جماعة أو أمة أخرى، إلا إذا كان الشعور بمعنى الجماعة في نفس الفرد لا يقل عن شعور الفرد بنفسه، إن لم يتميز عنه في القوة والسيطرة على نفس الانسان.
فاستقلال شخصية المواطن المسلم، واستقلال جماعته وأمته كجماعة تؤمن بالإسلام، محوران تدور حولهما تعاليم الإسلام:
1 القرآن يحث على استقلال الإنسان في العمل، فيربط مصيره بعمله، ويجعل إرادته الأمر الفاصل في تخير ما يقدم عليه من عمل، فيقول:
((من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد)) ويقول: ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير)).
2 ويحث على استقلال الإنسان في الرأي والحكم، لا يحكم عاطفته، ولا إلفه فيما يفصل فيه، فيقول:
((بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة(1)، وإنا على آثارهم مهتدون، وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها: إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون. قال: أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟
*(هوامش)*
(1) دين.