/ صفحه 115/
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
هناك فرق بين أن ((يعيش)) الإنسان وو أن ((يحيا)) فإن الذي يبقى على ظهر الأرض لا لشيء إلا ليقضى مطالب جسمه، ورغائب جنسه، لا يستحق أن يقال عنه إنه ((يحيا)) وحسبه أن يقال إنه ((يعيش)).
والقرآن الكريم حين يوازن بين الأحياء وغيرهم، لا يقصد بالأحياء الذين يعيشون، وإنما يقصد الذين لهم أرواح ونفوس ورسالات يضطلعون بها ((أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)).
فالظلمات موت: الكفر بالله ظلمة فهو موت، والكفر بالعقل ظلمة فهو موت، والكفر بالطاقة الإنسانية وما يستطيع أن يفعله الحي ظلمة فهو موت، وهكذا…
أما النور والحياة فصنوان: الإيمان نور فهو حياة، والعلم نور فهو حياة، والبصر نور فهو حياة، والبصيرة نور فهى حياة ((وما يستوى الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، وما يستوى الأحياء ولا الأموات)) وقد أرسل الله رسوله ((لينذر من كان حيا)) وقال له وهو يحدد مهمته: ((وما أنت بمسمع من في القبور)) فالنذارة إنما تكون للحي، ولمن كان له قلب، لا لمن في القبور، قبور الجهالة، والعجز، والزمانة، والتعصب، والتخلف، وسائر ما يميت القلوب.
وقد يوصف بالحياة من ضمتهم الأرض، وأبلاهم التراب، لأنهم فينا مؤثرون، وهم عنا غائبون، بل الأرض نفسها، وهي جماد، توصف بالحياة ((وآية لهم الأرض