/ صفحه 389/
فهذه الآية الكريمة نص مثالي لما تسمونه القانون الدولي، فالمسلمون دول يربطها الإسلام، فإذا بغت إحداها على الأخرى التزمت الدول الإسلامية الإصلاح بينهما وقتال الباغية أو ترجع عن بغيها. فالدول الإسلامية في عصرنا هذا وعلى اختلاف نظمها ليست إلا الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولا تنافي بين استقلال كل منها استقلالا تاماً وبين الوحدة الإسلامية، إنك لتظلم تعدد الدول الإسلامية إذا أنت حملته وزر شق عصا الجماعة، ولكنها الطائفية أو المذهبية تعدت حدودها أو فروعها إلى الأصول التي تربط الجميع ويرضاها الجميع لامرية فيها ولا خلاف ولا شبه خلاف.
قلت: هذه مسلمات أو بديهيات يعرفها رؤساء الطوائف وشيوخ المذاهب أجمع، فليس منهم من ينكر الوحدة الإسلامية أو يتنكر لها، وكيف وهي القاعدة الكبرى التي قام عليها الإسلام الذي لا تفرق فيه بنص كتابه المبين، أفليس أعجب العجب اذاً أن تتفرق كلمة المسلمين، ثم تمر القرون تلو القرون ولا تجتمع؟.
قال: الواقع أنه أعجب العجب، ولعلها عقوبة فرضها الله على المسلمين بما اكتسبت أيديهم، فلا ريب أنه سبحانه وتعالى أكمل لهم دينهم وأتم عليهم نعمته واستخلفهم في الأرض، افتراهم رعوا الخلافة حق رعايتها؟ لست أدري على يقيني بأن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، وأنه سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد.