/ صفحه 342/
وكانت الخطوة الثالثة في الموازنة بينها وبين سورة الأعراف التي سبقتها في النزول وتلتها في الترتيب المصحفى، وفي هذه الموازنة سقنا ما تيسر لنا من فروق بين منهجي الأنعام والأعراف فيما عرضت له كل منهما، كما عرضنا بمناسبة ذلك للحكمة ـ حسب إدراكنا ـ في مجئ الترتيب المصحفى على غير ترتيب النزول.
صفحة عامة لما تضمنته سورة الأنعام:
والآن، نقدم لقاريء (رسالة الإسلام) صفحة عامة عما تناولته سورة الأنعام وعن أساليبها التي اتخذتها في سبيل تركيز عناصر الدين عند الله. وقد قلنا إن سورة الأنعام عرضت لهذه العناصر الدينية الأولى، وهي القضايا العالمية الكبرى التي شغلت العقل البشري منذ أن نظر، وكشفت له جهات النظر عن مشاهداته الكونية ومعقولاته في الآفاق والنظام العالمي، وقد كانت هذه القضايا من قديم ميدانا لاختلاف النظر، واختلاف ما يدين به الإنسان في خلق العالم وفي منشئه وحاضره ومستقبله، والواقع أن هذه القضايا هي التي تحاول نتائجها الإجابة عن أسئلة ثلاث تتفاعل في صدر الإنسان، وكثيرا ما يقف العقل البشرى أمامها حائراً مضطرباً، ولا يصل فيها إلى كلمة الحق، والى القول الفصل إلا عن طريق الوحي المرشد، والنظر العقلي السليم الذي يوفق الله إليه من يعصمه من الزلل واقتفاء الهوى والشهوة.
القضايا الكبرى التي شغلت العقول:
وهذه القضايا هي:
1 ـ قضية الألوهية وعبادة الله وحده.
2 ـ قضية الوحي والرسالة.
3 ـ قضية البعث والجزاء.
وقد تناولت السورة هذه القضايا التي لو عرفتها البشرية حق المعرفة، وآمنت بها حق الإيمان لتخلصت من ظلمات المادة القاتلة، وعرفت قيمتها في الحياة،