/ صفحه 339/
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير:
يطيب لبعض القادة وأهل التوجيه في الغرب أن يصوروا نهضة الشرق لاسترداد حقوقه، واستعادة كرامته، بصورة العصبية الدينية، فيقولوا: هؤلاء هم المسلمون يريدون أن ينبعثوا كرة أخرى ليغزوا المسيحية في عقر دارها، ويفرضوا تعاليم الإسلام بالقوة على الناس أجمعين.
وعن هذا الروح صدرت بعض البيانات الفرنسية، فكانت تتحدث عن الجزائريين بعنوان " المسلمين " إيهاماً بأنهم إنما يحاربون عن عصبية إسلامية، كأنهم هم الذين يغزون فرنسا في بلادها، وكأنَّ عليهم أن يقبلوا الذل والخضوع للمستعمر الغاصب ليثبتوا له أنهم ليسوا بمعتصبين.
إن العالم يعرف، والتاريخ يشهد، من هم الذين يثيرون الحروب باسم الدين، وها هي الحروب الصليبية التي جمعوا لها الأموال والأجناد والعتاد منذ قرون ننطق بالعصبية الحمقاء، وتفيض بالحقد على المسلمين، والرغبة في تقويض صرح الإسلام، ويتزعمها رجال الكنيسة فيعقدون لها المؤتمرات والمجامع، ويؤلبون لها الدول باسم الخوف على المسيحية.
إن الإسلام منذ بعث الله به خاتم النبيين؛ كان هدفا لأخس المؤامرات، وأخبت المكائد: أرادوا أن يحولوا بينه وبين العقول والقلوب، لأنهم يعرفون قوته وسداد منطقه، وأنه سيسلبهم نفوذهم وسلطانهم، وسيديل الضعفاء والمستبعدين من طغيانهم وتسخيرهم؛ لذلك أئتلفت عليه أهواؤهم المتفرقة، ورأينا أهل الكتاب من يهود ونصارى يصدون عن سبيله، ويعملون دائبين على زلزلته