/ صفحه 319/
الإنسان من معرفة، هذه المعرفة التي جعلت في مقدور المهندس أن يضع يده اليوم على طاقة لم يعهدها من قبل، فبعد أن كان يستخدم الطاقة الحرارية من الفحم والبترول، أو الطاقة التي يستغلها من مساقط المياه، أصبح يسخر اليوم طاقة جديدة تخرج من نواة الذرة، حيث تمكن العلماء من تحويلها إلى طاقة حرارية، وبالتالي كهربائية، وهكذا أصبح على المهندس أن يقوم بدور كبير في بناء حضارة جديدة، وإقامة سلام دائم.
هذا الدور الكبير للمهندس هو الذي نلفت النظر إليه سيما بعد أن أمكن استخدام هذه الطاقة في شكل قنابل ذرية وأخرى هيدروجينية جعلت أمر فناء الحياة كلها من على الأرض للإنسان والحيوان والنبات في متناول أيدي الفنيين.
ولا شك أنه قد حدث تطور في المعرفة في أواخر القرن الماضي بعد التعرف على المواد المشعة، وأوائل هذا القرن بعد ظهور النظرية النسبية.
* * *
كلنا يعلم اليوم كيف أفاد ألبرت أينشتاين من تجربة ميكلسون ومورلي ومن معادلات لورانتز في السرعة، أراد ميكلسون ومورلي سنة 1887 أن يقيسا سرعة الضوء في الاتجاه الذي تسير فيه الأرض، وفي الاتجاه العمودي عليه، وقد دهش كما دهش علماء زمانه بعدم وجود فرق بين هاتين السرعتين رغم سير الأرض، ولو أن الأرض كانت ثابتة لتحتم أن تكون سرعة الضوء واحدة في جميع الاتجاهات، أما وأن الأرض تسير حوالشمس فكان لابد أن يكون هناك فارق في السرعة في اتجاه سيرها وفي الاتجاه العمودي عليه، وكان للنتيجة السلبية التي وصل إليها ميكلسون ومورلي دخل في أزمة علمية كبرى، وكان على العلماء أن يجدوا تفسيراً لهذا التناقض، فإذا بأينشتاين يجد هذا التفسير، وبعد ربع قرن من التجربة المتقدمة وذلك بتعديل نظرتنا للزمان وللحيز بوضعه نظرية النسبية سنة 1905، هذه النظرية التي كان من أهم نتائجها أن المادة والطاقة شيء واحد، وأن كمية من المادة تعادل قدرا من الطاقة، وأن قانون التعادل بسيط بحيث أن الطاقة تساوي كتلة المادة