/ صفحه 301/
الرجال وتحدثت عن الفريقين باللفظ الخاص بالرجال، والشريعة عامة والرسول مبعوث بها للرجال والنساء جميعاً، فالأصل في كل خطاب بها أن يوجه إلى سائر المكلفين والمكلفات، وإن جاء الخطاب للرجال خاصة، لكن إذا تبين أن النساء غير داخلات في هذا الخطاب فاللفظ حينئذ خاص.
وابن حزم من القائلين بالثاني:
ويترتب على هذا كثير من الاختلاف في الفروع.
ومن كلام ابن حزم في ذلك وهو يناقش مخالفيه (1) " فإن قالوا: فأوجبوا عليهن النفار للتفقه في الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ـ أي بعموم قوله تعالى: " فلو لا نفر من كل فرقه منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ". وقوله تعالى: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " ونحو ذلك من الخطاب الموجه إلى الرجال ـ " قلنا ـ وبالله تعالى التوفيق: نعم هذا واجب عليهن كوجوبه على الرجال، وفَرْضٌ على كل امرأة التفقه في كل ما يخصها كما ذلك فرض على الرجال: ففرض على ذات المال منهن معرفة أحكام الزكاة، وفرض عليهن كلهن معرفة أحكام الطهارة والصلاة والصوم وما يحرم من المآكل والمشارب والملابس وغير ذلك كالرجال ولا فرق، ولو تفقهت امرأة في علوم الديانة للزمنا قبول نذارتها، وقد كان ذلك: فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وصواحبه، قد نقل عنهن أحكام الدين، وقامت الحجة بنقلهن ولا خلاف بين أصحابنا وجميع أهل نحلتنا في ذلك، فمنهن سوى أزواجه (عليه السلام): أم سليم، وأم حرام، وأم عطية، وأم كرز، وأم شريك وأم الدرداء، وأم خالد، وأسماء بنت أبي بكر، وفاطمة بنت قيس، وبسرة، وغيرهن، ثم في التابعين عمرة وأم الحسن، والرباب وفاطمة بنت المنذر وهند الفراسية ـ أو القرشية ـ وحبيبة بنت ميسرة، وحفصة بنت سيرين، وغيرهن، ولا خلاف بين أحد من المسلمين قاطبة في أنهن مخاطبات بقوله تعالى: " وأقيموا

ــــــــــ
(1) الأحكام لابن حزم ص 81 ج 3 وما بعدها.