/ صفحه 271/
الثاني ـ كما تقدم في شعر أبي الطيب المتنبي ـ إذ أحدث النظام العارض فيه المرتبط بالدويلات القضاء على ما كان يراعى في العصبيات قبلا، ولكل زمن اتجاهه.
على أنه قد فات الإلماع إلى أن ذلك اللقب استفز الالتفات إليه أنه أحد أبوي قصى الكريمين اللذين تغنى بالانتساب اليهما في بيتيه الماضيين، فبينا حينذاك أن الحقيقة التاريخية تطل علينا منادية بالإفصاح عن أمرين لابد منهما: أن ذلك العلم الذي ذاع وملأ الأسماع عارض عليها وانطوى وراءه علم ميلادها الموضوع لها من أبويها (ليلى)، وأن ذلك العلم بعدئذ زحم علم زوجها في التمييز لبنيها ومن توالد منهم، بل استأثر به على مر الايام واختص ان يكون علم القبائل من البنين، والعشائر من الأحفاد، والبطون والأفخاذ والفصائل من حفدة الأحفاد، فأطلق على كل من تناسل من اليأس وخندف بنو خندف. كما وقع التغيير في علم أخي اليأس، وهو الناس، فامتاز علم قيس على الناس، وصار مآل العلمين إلى مصير واحد وهو الاختفاء وراء ما اشتهر لكل منهما من العلمين الجديدين، ولتتبين الأمر جلياً فهاك ما كان، لترى إلى أين صار.
شبلا مضر: اليأس والناس
إن مضر أحد بني نزار الأربعة، والباقون: ربيعة وإياد وأنمار، قد تزوج جرهمية ديدن العرب في التزويج إلى القربات للنجابة، فولد لهما اليأس والناس، وما لبثا حتى انتشر نسلهما وملأ الأصقاع، فكان منه جمهرة العرب الذين احتازوا معظم الجزيرة، وضربوا خيامهم في سرتها وأطرافها، وضرب بهم المثل في الكثرة والبأس والنجدة، مع رعايتهم قرابة العمومة والاحتفاظ بها كلما حزب الأمر وشنت الغارات، ومع اختفاء اسمى أبويهما واستبدال علمين آخرين اشتهرا على الألسنة، وطبعا للإستبدال مناسبات اتفاقية تطرأ فينفذ حكمها دون معارضة وصد لها حدث أيا كان، وكثر ما كان ذلك في كل عصر وحين، وبين ظهرانينا أمثلة لا تحصى ولا تستقصى.
كان البدل في الناس (قيس علان) وسبق بإسهاب بيان ما قيل فيه، والبدل