/ صفحه 152/
ليكورغوس والحسديون وأبوذر الغفارى
لحضرة الاستاذ الدكتور على عبدالواحد وافى
لم يخل عصر ما من ظهور آراء ونظم متطرفة في الثروة، وما ينبغى أن يكون عليه توزيعها بين الناس، وكان من أشهر من حمل لواء الدعوة الى هذه الاراء والنظم في العصرين القديم والوسيط المشرع اليونانى ليكورغوس (في القرن التاسع ق م)، وجماعة الحسديين في بني اسرائيل (في القرن الثانى ق م) وأبوذر الغفارى في صدر الاسلام (منتصف القرن السابع الميلادى).
وقد اختلفت هذه الاتجاهات الثلاثة اختلافاً في مبلغ حظها من النجاح، فأتيح لا ولها وهو نظام ليكورغوس أن يأخذ طريقهالى التطبيق في دولة من أشهر دول اليونان القديمة وهي اسبرطة، وظلت هذه الدولة مترسمة قواعد هذا النظام في معظم أدوار تاريخها القديم; وأتيح لنظام الحسديين أن يطبق في نطاق ضيق محدود، وهو نطاق جماعتهم وحدها، وفي مواطن منعزلة عن الناس; بينما لم يتح لدعوة أبى ذر الغفارى شىء من النجاح، بل لاقى صاحبها في سبيلها كثيراً من ضروب العنت و الاضطهاد.
* * *
أما نظام ليكورغوس فكان نظاماً اشتراكياً متطرفاً، فقد ألغى هذا المشرع الملكية الفردية للارض، وأعاد تقسيم أرض لاكونيا (و هي المقاطعة التي كان يسكنها قبائل الدوريين، والتي اشتهرت باسم عاصمتها اسبرطة) الى ثلاثين ألف قطعة متساوية القيمة بعدد الاسرات الاسبرطية في ذلك الحين، وأعطى كل أسرة