/ صحفة 440 /
فجعل الممدوح هو الشيطان الرجيم، ولا في سخف قوله:
أفعشت حتى عبتهم قل لي متى فرزنتَ سرعة ما أرى يا بيدق
قوم إذا اسود الزمان توضحوا فيه، فغودر، وهو منهم أبلق
وإنما ذكرنا اثنين قد أومئ إلى كل واحد منهما في وقته، وأغرق في وصفه لتعلم ما في المخلوقين من النقص، وأن لكل واحد المذهب، والمذهبيبن، ونحو ذلك، ثم يجتذُ به مافيه من الضعف، لتعرف مواقع الاختيار، وموضع المطلوب من قول كل قائل إما لفصاحة وإما لأعراب في معنى، وإما لرق لطيف تبين به حذفه. كل ذلك وما أشبه متبع مطلوب به (1).
(أما بعد) فنقد المبرد نقد جزئي لم يتناول قصيدة بأكملها فيحللها، ولا خطبة أو رسالة فيشرحها ولكنه دقيق، ومفيد، فقد أصّل لنا أصولا بنى عليها النقاد، وعلماء البلاغة فيما بعد، وهو نقد يعتمد على الذوق، وذوق المبرد ـ بخاصة ـ ذوق لطيف.
ــــــــــ
(1) الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء ص 319، 320.