/ صحفة 182 /
ومن الأقوام التي كانت على هذه الشاكلة قبيلة قديمة تدعى ترهايا(1) كانت تسكن في أطراف الشيخان(2) بلواء الموصل، وتنتحل المجوسية ديناً لها، والمظنون أنها من بقايا الأقوام التي نزحت من بلاد ايران المجاورة، عند ما طغى عليها سيل الإسلام الجارف، واتخذت من جهات حلوان(3) مأوى وملجأ منعزلا، فكانت في مأمن من كل تجاوز واعتداء، الا أن انتشار الإسلام في هاتيك الجهات، ومجاورة الأقوام العربية لهذه الأماكن والملاجيء أوجب أن تختفى تلك المعتقدات وأن يعتنق أولئك الأقوام الديانة الجديدة السمحة، أو أن يتظاهروا أمام العرب الفاتحين بعقائدهم الإسلامية على الأقل، ولكن استمرار هذا القبيل المنعزل على هذا النوع من الاعتقاد أوجب أن يضعف فيه الدين القديم، وأن يأتي منه جيل جديد يكون فيه أبناؤه لا يعرفوه الا خليطا من المعتقد الأول البائد ومظاهر من المعتقد الجديد المقتبس فكانوا ضعافا في كلا المعتقدين.
حدث التصوف، وحدثت الطرائق، وانتشر شيوخ الطرق أو مشايخها في الأقطار الإسلامية الواسعة، وبين الأقوام التي خضعت للمعتقد الجديد، فكان
ــــــــــ
(1) التيراهية هي الوثنية القديمة، وقد ذكر ابن الأثير في ج 12 ص 87 فقال: التيراهية كفار لا دين لهم يرجعون إليه، ولا مذهب يعتمدون عليه، وكانوا من الخارجين المفسدين على شهاب الدين فأوقع بهم نائب تاج الدين الوز مملوك شهاب الدين، وقتل منهم خلقا كثيراً.
(2) يطلق اليزيديون على قرية (باعذرا) وما يجاورها من القرى الآهلة بأبناء نحلتهم اسم (الشيخان).
(3) قال ياقوت الحموي الرومي في معجم البلدان: [ 3: 322 ] ما نصه: