/ صفحه 402/
و هنا ينبغي العود إلى المقام الذي كنا فيه فقول: إن هذا الرأي السابق للفراء، فالمبرد اقتصر عليه النسفي، ولم يزد عليه فقال في تفسيره شارحا الياسين (أي الياس وقومه المؤمنين كقولهم الخبيبون يعنى أبا خبيب عبدالله بن الزبير وقومه) ـ
ـــــــــــ
1- أو تردى: خطاب للناقة، أبو محمد: كنية الحجاج: الملحد: الظالم في الحرم، ينجحر: يدخل الحجر، محكد: ملجأ، يريد أنه عائذ بالحرم لا يستطيع أن يخرج إلى الحل.
والذي يحارالناظر في فهمه اقتصار النسفى على هذا الوجه وقد رده قبله الزمخشرى ـ وهو أصله الذي يجرى في لوجوه البلاغية على سننه ـ بأسلوب لا يدع مجالا لقبوله في صورة سؤال وجواب، فكان من اللانق أن يذكر بعد الوجه الذي ارتآه الوجه الذي قطع به الامام الزمخشرى ليكون ذلك تجويزاً للاعتبارين عنده مثلا.
لم أفهم السر في هذا والعلم عند من يعلم السر وأخفى.
تصويب رأي الجمهرة:
إن إلياسين هو إلياس، ولا يصح أن يكون جمعاً له، لا من ناحية أسلوب السياق في السورة، ولا من ناحية الاستعمال العربي، فهذان أمران:
(1) أسلوب السياق في قصص المذكورين من الرسل قبل إلياس يقضى بأن السلام المنتهى به قصته عليه لا على آله نظير المختوم به قصة كل من نوح ثم إبراهيم ثم موسي وهرون، وهؤلاء قد أعيد ذكرهم بأعلامهم دون تغيير فيها، وقد تقدم في كلام الطبرى ما فيه مقنع، وقد شفعه بقوله: (فإن) ظن أن إلياسين غير إلياس، فإن فيما حكينا من احتجاج من احتج بأن إلياسين هو إلياس غيً عن الزيادة فيه الخ.
(2) إن اللغة العربية تحتم في جمع العلم تعريفة بأل، فكان من اللازم أن يقال: سلام على الالياسين، لان العلم إذا جمع وجب تعريفه بأل بعد الجمعية جبراً لمافاته من العلمية عندها لوجوب تنكيره حينها، وكذا قالوا: إذا ثني العلم وجب في مثناه التعريف بأل لمثل هذا تماما، قال الزمخشرى: (و كل مثنى أو مجموع من الاعلام فتعريفه باللام إلا نحو أبانين وعماتين وعرفات واذرعات قال:
فقبلي مات الخالدان كلاهما * * * عميرُ بني جَحْوان وابن المضلَل