/ صفحه 364/
بقي بعد هذا الكلام على التكرار الذي جاء في الآية: "اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا" وقد اختلف في تعليل ذلك المفسرون، واضطربوا في الجمع بينه وبين كون الآية: نزلت في الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وأكلوا الميسر، والذي أفهمه أن هذا التكرار إنما هو للتوكيد على سنة العرب في توكيد الأمر بإعادته وتكريره مرة بعد مرة، وقد سأل رجل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أي الناس أحق بحسن صحبتي فقال: أمك، قال ثم من، قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك ـ فهو قد أرادأن يرسخ المعني في ذهنه وأن يؤكده له عدة مرات ليعرف منزلة أمه.
و يشبه ذلك ما روى عن على كرم الله وجهه من قوله في إحدى خطبه:
"... لقد أفسدتم على رأيي بالعصيان، وملائم جوفي غيظاً، حتى قالت قريش: ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا رأي له في الحرب. لله درهم! ومن ذا يكون أعلم بها منى أو أشد لها مراسا، وقد نشأت بهاو ما بلغت العشرين، ولقد نيفت اليوم على الستين، ولكن. لا رأي لمن لا يطاع، لا رأي لمن لا يطاع، لا رأي لمن لا يطاع.
والشاهد في تكريره الجملة الاخيرة اقتلاعا لما زعموا من كونه ليس بصاحب رأي في الحرب، كما ترمى الآية إلى اقنلاع فكرة الترهب.
فهي تقول لهم: ليس الترهب والتزهد هو الذي يريده الله منكم، ولكن الايمان والتقوى وعمل الصالحات، الايمان والتقوى التقوى والاحسان، ولاشك أن هذا أسلوب من يريد إقناع متردد أو معتقد خلاف الصواب، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل" والحمد لله رب العالمين؟
في سبيل الوحدة: