/ صفحه 201/
البلاغة العربية
وقضية الاعجاز
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ على محمد العماري
المدرس بالأزهر
سأل إبراهيم بن إسماعيل من كتاب الوزير الفضل بن الربيع ومن جلسائه، سأل أبا عبيدة معمر بن المثني عن قول الله تعالى: "طلعها كأنه رؤوس الشياطين" كيف وقع هذا التشبيه والمشبه به غير معروف؟ وإنما يقع الوعد والايعاد بما عرف مثله، فقال أبو عبيدة: إنما كلم الله العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرىء القيس:
أيقتلني والمشرفيُّ مضاجعى * * * ومسنونة زرق كأنياب أغوال
و هم لم يروا الغول قط، ولكنهم لما كان أمر الغول يهولهم أو عدوا به... وعزم أبو عبيدة منذ ذلك الحين أن يضع كتابا في القرآن، في أشباه هذا، وما يحتاج إليه من علمه، ثم وضع كتابة (المجاز) فكان أول كتاب ألف في فن البلاغة.
يبدو واضحاً من هذه القصة التي سقناها باختصار، أن التأليف في جوالبيان، ولد في جو القرآن الكريم، ولو تتبعنا تاريخ البيان العربي لو جدنا أنه ـ كذلك ـ نشأ وأيفع واكتهل في جو القرآن، يدلنا على ذلك أن العلماء منذ عهد أبي عبيدة، كانوايضعون نصب أعينهم ـ حين يؤلفون في البيان ـ قضية الإعجاز، وإن كانوا يضعون بجانب ذلك أغراضاً أخرى، كمعرفة السّرِى والمتخلف من الكلام، وكالقدرة على إنشاء الجيد من الشعر والنثر، واختيار الجيد منهما، فإن المتعلم إذا