/ صفحه 115/
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
قرأت فيما قرأت صدر شبابي: أن أحد الدهاة العباقرة من الملوك الاولين، أوصي ولدا له كان قد وجهه إلى طرف من أطراف مملكته لمقاومة عدو مغير، فكان من وصيته إياه، أن قال له:
"... واعلم أنك تواجه قوما أشداء ذوى بأس ومدد، فليكن حصرك على أن تبلوأخبارهم: وتعرف ما رسموا لحربك: أشد من حرصك على أن تفجأهم، وتغتر بأوليات النصر عليهم، فإن ما أحد بالفجاءة، قمين أن يسترد بالرباطة، ولكن اخبر خبرهم، واعرف ما بيتوا، ثم استقبل أمرك على بصيرة من ذلك، وأفسد عليهم، وادرأ عن بلادك وقومك".
ذكرت هذه الوصية الحكيمة حين قرأت ما كتبته الصحيفة الانجليزية الكبرى (التايمز) وهي تتحدث عن تقدم الإسلام بخطوات واسعة في غرب أفريقا، وما يخشاه المستعمرون من هذا التقدم، وما يوحون به إلى اوليائهم من "وجوب محاربة الإسلام، والحد من تقدمه، ينشر البدع والخرافات حتى يكون هذا بمثابة حائل يقف أمام ضغطه المتزايد".
و العبرة التي يجب أن نفيدها من ذلك، أن أعداء الإسلام قوم أولوا بأس شديد، ومدد كثير، ودهاء عظيم، كهؤلاء الذين يصفهم ذلك الاب الناصح، فمن أول ما يجب أن نتواصي به، ألا يكون همنا التظآهر بما نزعمه انتصاراً عليهم، ومفاجأة لهم، فإن أمرهم أجل من أن فتخادع فيه بمثل ذلك، ولندرس خطتهم التي رسموها لقهرنا، وبيتوها لكيدنا، لنعمل على
إفسادها، وتقويت مقاصدهم فيها.