/ صفحة 8/
فطريا تدعو إليه الطبيعة، وقد يكون شأنا تكليفيا تدعو إليه العقيدة، وقد يكون شأنا عرفيا يدعو إليه الالتزام والتعاهد، وهذا يكون بين الفرد والفرد، كما في البيع، والزواج، والشركة، والوكالة، والكفالة... إلى آخر ما تعارفه الناس ويتعارفونه من وجوه الاتفاقات.
ميثاق الإيمان بين الخالق والمخلوقين:
فالفطرة التي فطر الله الناس عليها وملأ بها الكون بالآيات، والشواهد الدالة على وجوده وعظمته، ثم منحه الإنسان عقلا به يفكر ويستدل، وتهيئته للنظر ـ هذه الفطرة بمثابة عقد جرى بين الله والانسان في أن ينظر، ويفكر، ويستدل حتى يؤمن بالله ولا يشرك به شيئا من دونه، وقد ذكر القرآن هذا العهد ونبه الإنسان إليه، وأقام عليه الحجة به في قوله تعالى من سورة الأعراف: وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون.
من مقتضيات هذا الميثاق التزام التشريع الإلهى وحده:
والإيمان بالله، ورسله وكتبه بمثابة عقد بين المؤمنين وبين الله في أن يمتثل أو امره ويجتنب نواهيه، ويتبع ارشاداته التي تضمنها كتابه، وبينها رسوله، وألا يحيد عنها قيد شعرة فضلا عن أن يستبدل غيرها بها، ويعتمد عليه في تنظيم حياته الخاصة أو العامة; فالمحافظة على ما شرع الله من عبادات، وأرشد من معاملات، من مقتضى عهد الإيمان، والتزام ما رسمه الله في انشاء الأسرة من الزواج إلى تربية الأبناء والعدل بينهم من مقتضى عهد الإيمان. والقيام بموجب عقود البيع والإجارة والرهن والمداينة والتجارة على ما وضعه الله في كتابه، وبينه رسوله، من مقتضى عهد الايمان. وهكذا يوجب الإيمان القيام بكل ما شرع الله من أحكام.