/ صفحة 347/
وما يحيط بك من عناصر هذا الكون وأفاعيلها فى نفسك لتعرف مقداره، أو لينفخ لك باب من أبواب المعرفة بنعمة الله عليك وعلى الناس وعلى الخلق أجمعين، وعلى المؤمن بعد ذلك الذي أجاب دعوة محمد، ونزع نفسه من الشرك والوثنية أن ينظر فيما أنعم الله به عليه من نعمة الايمان والهداية، ونعمة النصرة على الاعداء، ونعمة الاتحاد والاعتصام، ((و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون)) ((و اذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون فى الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيديكم بنصرة ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)) .
(مواثيق الله مع الناس) ميثاق الاعتراف بالربوبية:
وكما لله على عباده المؤمنين نعم عامة وخاصة، له مع عباده أنواع من المواثيق أخذ بعضها على نفسه، وأخذ بعضها عليهم. أخذ عليهم ميثاق الايمان بوجوده، والاعتراف بخالقيته، ((و إذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟ وكذلك نفصل الايات ولعلهم يرجعون)) (1) وبمقتضى هذا العهد قالوا فى جواب: من خلق السموات والأرض؟ خلقهن الله.
ميثاق الطاعة والامتثال بمقتضى الايمان:
أخذ عليهم ميثاق الايمان على القيام بالاحكام، والطاعة والامتثال، ويتجلى هذا فى جميع التكاليف التى مهد لها بالنداء بوصف الايمان، ((يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)) ((يأيها الذين آمنوا لاتحلوا شعائر الله)) ((يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم)) (2) وهكذا إلى آخر ما تراه فى القرآن من نحو هذه الايات الدالة على أن الايمان يقتضى العمل بالاحكام.
ــــــــــ
(1) الاعراف 172، 173.
(2) النداءات الاولى من سورة المائدة.