/ صفحة 275/
أدب الاندلس أدب مشرقى
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الجواد رمضانى
استاذ الادب العربى فى كلية اللغة العربية
منذ كلّفت دراسة الادب وأنا أروض نفسى على الاعتراف بما درج عليه مؤرخوه، من أن الادب الاندلسى أدب قلهمى قائم برأسه; له خصائصه المشخصة، وسماته المميزة، التى لا تشتبه معها معالمه، ولا تلتبس معها صواه; ولكن نفسى تأبى - على طول الاستراضة والاقناع - الا جماحاً.
ومردّ ذلك، إلى أن الاندلس فتحت فى العصر الذهبى لدولة بنى أمية فى الشرق: عصر الوليد بن عبدالملك; وتعصب بنى أمية للعرب وللعربية فى جميع مظاهرها، أمره متعالم مشهور، فى حيثما خفقت رأيتها، من الشرق أو الغرب.
ومن الخطأ الذي لا ينقضى أسفه، أن فتحها لم يتنامّ،بل ترك فيها دمّل ممدّ، هو مملكتا جليقية والبشكبس الجاثمتين فى شمالها، واللتين بقيتا معها فى مد وجزر طيلة حياتها، حتى إذا اتحدتا على يدى فردينند وايزابلا، قضتا عليها القضاء الاخير.
ولا يشفع لهذا الخطأ أن العرب إنّما كان وكدهم أن يفتحوا جنوب أوربّة مشرّقين حتى يصلوا إلى دمشق عاصمة الإسلام والعرب; ولم يوقظهم من هذا الحلم الا هزيمة عبدالرحمن الغافقى حينما غزاً بلاد الغال (فرنسة) سنة 114 هـ وأوغل فى فتحها، ففزع الفرنسيون إلى شارل رئيس وزارئهم، قائلين: كنا نخشى العرب من المشرق، فأتونا من المغرب; فقاد جنوده، وأمده الجرمانيون