/ صفحة 384/
والمنع له ولأصحابه، والإعزاز لدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على منت تخاب عنه منكم، وأنقله على عدوكم من غيركم، حتى استقاموا لأمر الله تعالى طوعاً وكرهاً، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داحراً، حتى أثخن الله لكم في الأرض ودنت بأسيافكم له العرب. توفاه الله تعالى وهو راض عنكم قرير العين، فشدوا أيديكم على هذا الأمر، فإنكم أحق الناس وأولاهم به.
وعندما أنهى سعد كلامه، أمّن الأنصار على ما قال.
ولما هم عمر بن الخطاب أن يفتتح الكلام دفاعا عن حق حزبه وهم يومئذ المهاجرون، أخره أبو بكر وافتتح الكلام متشهداً فانتصب له الناس بوجوههم فقال: (إن الله جل ثناؤه بعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهدى ودين الحق، فدعا إلى الإسلام فأخذ الله بنواصينا وقلوبنا إلى ما دعا إليه، فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما والناس لنا فيه تبع، ونحن عشيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة).
ولم ينس أبو بكر أهمية الاعتراف بحق الحزب الثاني في قوى الحكم، طالما أن الحكم الشورى وإن كان يرى لحزبه فضل التقدم فقال متابعاً:
(وأنتم أيضاً والله الذي آووا ونصروا، وأنتم وزراؤنا في الدين، ووزراء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنتم إخواننا في كتاب الله تعالى وشركاؤنا في دين الله عزوجل، وفيما كنا فيه من سراء وضراء، والله ما كنا في خير قط إلا كنتم معنا فيه، فأنتم أحب الناس إلينا وأكرمهم علينا، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله تعالى، والتسليم لأمر الله عزوجل لما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين).
ثم تابع أبو بكر كلامه طلباً إلى جماعة الأنصار إفساح الطريق لجماعته بانتخاب نفر سماهم قائلا:
(فلا تحسدوا إخوانكم وأنتم المؤثرون على أنفسكم حين الخصاصة، والله ما زلتم تؤثرون إخوانكم من المهاجرين، وأنتم أحق الناس أن لا يكون هذا