/ صفحة 313 /
عقيدتهم في أصولها وإفساد روحها، التي هي ينبوع القوة والعزة والحياة، حتى لاتمد أتباعها بشيء من هذا فيخنعون، هذه الحرب قد امتدت إلى الفروع أيضاً فغيرتها وبدلتها وحولتها من ملاحم بطولة وعبقريات ونبوغ، إلى مجموعة من الخرافات، يشتغل الباطلون بترويجها، ويستغلونها للحصول على الرزق.
وأن التاريخ الحديث ليصور لنا في كثير من الوقائع كيف استغل الاستعمار الأجنبي هذه القوة الإسلامية، قوة الزوايا أو الرباطات المنحرفة عن قصدها وما أريد بها، وكيف استغل ذلك الاستعمار مدعي التصوف المحدثين من عشاق الدنيا وملاذها، الذين امتلأت قلوبهم بحبها ولم يبق بها مكان لحب الله، وحولهم بأساليبه الخبيثة عن مهمتهم واستعملهم لبسط سلطانه على المسلمين واقرار نفوذه على البلاد الإسلامية مقابل ما يغدقه عليهم من نعم ويمنحهم من سلطان، فأضحت الرباطات التي أنشئت لإعزاز الإسلام وحماية بيضته زوايا لإذلاله، وإخضاع أهل ملته لحكم الظلمة والمستعمرين إلا من رحم ربك، ومن هنا نشأت الخصومة بين السلفيين والضرقيين، فهي خصومة سياسة أكثر منها دينية، كالخلاف بين أصحاب المذاهب والفرق الذي ألمعنا إليه في المقال السابق عن تاريخ المذاهب الإسلامية.
فعلى مريدي الإصلاح الذين يجاهدون لجمع كلمة المسلمين أن يظهروا الحقائق كما كانت، فيزول الشقاق بزوال المسخ منها، ويحل الوفاق بأن الصراط المستقيم عند الله واحد لا اختلاف فيه، وقد أمرنا باتباعه معتصمين بحبل الله، فمن شذ عنه هلك، ومن سلكه فاز.