/ صفحة 255 /
يتكاتفوا ويتعاونوا في النحاية الاقتصادية، ويتبادلوا تجارتهم فيما بينهم فسيطول الأمد على تقدمهم واستخلاص حقوقهم، واستكمال ذاتيتهم، وتكوين شخصيتهم.
لذلك نطلب من القائمين بالأمر، والمفكرين والكتاب، أن يوجهوا نظر إخوانهم المسلمين إلى هذه الناحية الخطيرة، وأن يحضوهم على بعث البعوث التجارية والاقتصادية، أسوة بما تعمل الحكومات من معاهدات تجارية، وأن يقوم بهذه البعوث المشتغلون بالتجارة على اختلاف بلادهم، وأن يتعاونواويتفاهموا ليكون كل منهم نائباً عن الآخر في بلاده، إذ لا فائدة من زرع تزرعه ويجني ثماره أجنبي، وأن يعلموا أن تعاليم القرآن الكريم ترمي إلى تحقيق هذه الغاية الشريفة، فليس المقصود بالتعاون على البر والتقوى: التعاون القاصر على الإحسان للفقراء، إنما البر بتفضيل إخوانه من المؤمنين على غيرهم من المستغلين واتقاء الله في معاملاتهم، وعدم تسخير نفسه لأجنبي يريد أن يمتص دمه، ويبتز ثروته، ويصيب أهل وطنه بالخسران المبين، ويتركهم أذلة مسخرين.
وإنا لنلاحظ كما جاء في الصحف أن الحياة الاقتصادية بين البلاد العربية غير متصلة ولا متماسكة، ومعنى ذلك أنها تفضل التعامل مع دول أجنبية على التعامل مع شقيقتها المتاخمة لها، وفي هذا إضعاف كبير، بل ذهاب لمعنى التعاون الواجب أن يقوم بين البلاد العربية ووجوب تقديرها أن الأجنبي إنما يغزو بها، لتسخيرها واستغلال خيراتها، وإنا لنخشى عواقب ذلك وسوء مغبته، ونخشى أن إهمال العمل في هذه الناحية يبوء بأوخم العواقب، ويحق على أهل البلاد العربية قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى).
ولكل هذا نبصر الأمم الإسلامية بالعمل على تحقيق ترابطهم وتماسكمهم وتآخيهم عملاً بقوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون).