/ صفحة 203 /
من سماحة الإسلام:
ابن طولون
ورفقه بأهل الذمة
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أحمد الشرباصي
المدرس بالأزهر الشريف
السماحة الدينية مظهر من مظاهر القوة السامية، والأفق الرحيب، والثقة الحكيمة، وهي إذا صدقت واعتدلت تؤثر أثرها البليغ في تجلية القدوة الحسنة أمام المخالفين في العقيدة أو الجاهلين بها، فتعمل في عقولهم ونفوسهم ما لا يعمله العناد أو التعصب؛ وهي إذا كانت حكيمة قويمة تستطيع أن تجذب إلى رحاب الدين كثيراً من الأتباع والأنصار، لأن الرفق واللين، وحسن الخلق، وجمال المعاملة، وحفظ الحقوق، حيث يظن الأغرار تضيبعها مما يأسر القلوب ويسترق النفوس، وذلك على العكس من الإرغام والإعتساف؛ وما من مقهور يؤخذ بسيف العنت والإرهاق ـ ولو إلى جانب الحق ـ إلا انتهز الفرص للانتقاض، وتلمس الأسباب، ولو كانت مصطنعة لعيب ذلك الحق، وترقب اليوم الذي يقتدر فيه على الثوران والإنتصاف.
ومن عجب أن مادة التعصب والعصبية تدل في أغلب استعمالاتها على القهر والغلبة، ولذلك قالت اللغة إن (التعصيب) يجري مجرى التسويد والإستعلاء، وتدل على الشدة ومنه: وهذا يوم عصيب، وعصبصب، واعصوصب الشر: اشتد، وتدل على الإستئسار والإستبداد، ومنه قولهم: عصب القوم بفلان إذا احاطوا به