/ صفحة 57 /
ونهى عن بيع الخمر والنجس والأصنام وسائر ما حرم، ونهى عن بيع ما في بيعه غرر: كالمجهول والآبق، ونهى عن الغش والغبن الفاحش.
وقد كان للناس معاملات قبل الإسلام، فأقر منها ما لا يؤدي إلى ضرر، أو يجر إلى محرم، وأبطل منها أو عدّل ما يؤدي إلى ذلك.
وهذا هو أحد الاصول القاطعة في تحليل ما أحل، وتحريم ما حرم.
(ج) رعاية الجانب الخلقي:
بعد أن يتحقق في الكسب ما ذكرناه من التعاون ووقوعه على صفة من شأنها أن تقطع أسباب الخلاف والنزاع، نرى الشريعة الإسلامية تسمو فوق هذا المستوى فتنحو بالأمر نحواً خلقياً كريماً، وترسم للمتعاملين سبيلا مهذباً من شأنه أن يجعل مجتمعهم راقياً فاضلا، وأن يديم بينهم مع التعاون معنى الحب والمودة والاحترام. هذا السبيل هو رعاية الجانب الخلقي، والنظر إلى ما تقضى به الفضيلة حتى لا يكون التعامل جافاً غليظاً، أو يكون غرض كل من المتعاملين استعمال مواهبة في استلاب ما يمكنه استلابه من صاحبه.
ويظهر ذلك من الأحكام الآتية:
1 ـ تستحب الإقالة إذا طلبها أحد المتبايعين، وذلك أن يندم أحد المتعاقدين على ما التزم، ويتبين له أن التزامه ليس من مصلحته، فيطلب من صاحبه أن يقيله وقد ورد في بعض المأثور: (من أقال نادما أقاله الله يوم القيامة).
2 ـ يكره أن ينفلت الرجل من مجلس البيع متخفيا قصداً إلى تفويت حق صاحبه في خيار المجلس.
ومعنى ذلك أن المتبايعين بالخيار ما لم يتفرقا، فقد يشعر أحدهما بأنه الفائز فإذا استمر في المجلس تبين صاحبه الأمر فرجع في العقد، فهو لذلك يغافله، ويهرب من المجلس ليثَبِّت العقد تثبيتاً نهائياً بالتفرق، فالشارع ينهى عن ذلك، وهو معنى خلقي كريم يلتفت إليه الإسلام هذا الالتفات العجيب.
3 ـ نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تلقي الركبان، وذلك أن