/ صفحة 369/
يعرفونها جيدا، ويتقنون أساليبها وهي حروب الفتن والدسائس واغراء العداوة بين المسلمين، وبث الوهن في قلوبهم بما يروجون من أفكار الالحاد والشك، وبما يزينون من خروج على مبادىء الإسلام إلى المبادىء التي ينعتونها بالملاءمة للحضارة، والموافقة للمدنية والتقدم.
بينت ذلك في حديثي الماضي. وما أردت بالتعبير بلفظ ((الصيلبية)) أن انبز المسحيين جميعاً، لا أفرق بين متعصبيهم ومسالميهم، فان في الشرق الإسلامي لاخوانا لنا في الوطنية من المسيحين وجيرانا، وقد اشتركنا جميعا في احتمال الآلام، وبذل الجهود والتضحيات في سبيل تحرير الأوطان من عدوان الغربيين، وجشع المستعمرين، وليس هؤلاء من الصليبيين الذين قلت انهم كانوا يعلقون الصلبان الحمراء على صدورهم، ويسيرون بها في الطرقات لهم عواء كعواء الذئاب يستنفرون على المسلمين.
* * *
ولقد حذر الله المؤمنين من هذه الحروب وبواعثها في كتابه الكريم إذ يقول جل شأنه عن أهل الكتاب: ((ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفاراً حسداً من عند أ،فسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره ان الله على كل شيء قدير)) وإذ يقول عن المشركين: ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)).
ففي الآية الأولى يذكر الله لنا الأمل الذي تنطوى عليه نفوس كثير من أهل الكتاب ـ وأحب أن يلتفت أقباط مصر ومن في حكمهم إلى الحكمة في تعبير القرآن الكريم بقوله ((ود كثير من أهل الكتاب)) حيث لم يقل أهل الكتاب أو كل أهل الكتاب ـ ذلك الأمل هوان يردوا المؤمنين كفاراً، وأن هذا الأمل قد وقر في نفوسهم وصار حبيبا إلى قلوبهم يودونه ودادا، ويرغبون في تحقيقه