/ صفحة 230 /
إذا كان من خصائص "التأميم" نفى الدخيل، والاعتزاز بالأصيل، فان (جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية) تأحذ بمبدأ "التأميم" وتسير على روحه، فهى تعلم أن الإسلام أمة واحدة، ربها واحد، ونبيها واحد، وكتابها واحد، وأن المسلم لايخالف المسلم في عقيدة أصلية من عقائد الايمان وان اختلفا في فروع من العلميات أو العمليات، أن هذا الخلاف في الفروع بعد الاتفاق في الأصول أمر طبيعى لاسبيل إلى رفعه، فلم يقل أحد ان أفراد الأسرة الواحدة يجب أن يكونوا متحدين في كل شأن من شئونهم، ولكن يكفى أن يتفقوا على الأسس التي لايكونون أسرة واحدة الا بها، ولهم بعد ذلك أن يختلفوا ماشاء لهم الاختلاف دون أن يتصدعوا أو يتهدم كيانهم.
تعرف ذلك جماعة التقريب، وتعرف أن عوامل غريبة عن أهل الإسلام حاولت في الماضى وما زالت تحاول أن تصور لهم الخلاف فيما وراء الأصول التي بما يكون الايمان خلافا أساسياَ يمنع تعاون السنى والشيعى، ويحول دون تآخيهما الذي فرضه الله، وهذه العوامل الغريبة تعمل في ذلك لمصلحتها، ولاتقصد من وراء سعيها الا أن تفرق فتسود.
فجماعة التقريب تريد أن تبعد هذه العوامل الغريبة عن المسلمين، وأن تبصرهم بسوء قصدها وسوة مغبتها، وأن تخلصهم لأنفسهم، وتعيدهم إلى سماحة دينهم وتمكنهم من الرجوع بأنفسهم إلى مصادرهم الأولى التي لاتثمر الا الصفاء والأخوة والتعاون والمحبة، فهى تنفى عنهم الدخيل، وتقف في وجهه كما يقف الحارس الأمين في وجه لص مخاتل مخادع يلبس لباس الأصدقاء وهو أعدى الأعداء.
فإذا نجحت هذه الجماعة ; وانها لناجحة باذن الله.
عادت الأمة أمة، وعاد إليها أمرها، وأحياها الله بعدموتها.
و الله يحيى ويميت وهو كل شى ء قدير.