/ صفحه 50/
الذين آمنو لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون، قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وإزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره".
ألا ترى كيف جعل حب الله ورسوله والإقبال على الجهاد في سبيله - وتلك مظاهر الوحدة الإسلامية - فوق كل حب، يترك من أجله حب الاباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة مما تجمعهم رابطة النسب أو الجنس، ويترك لأجلها كذلك حب المساكن الذي هو مظهر رابطة الوطن، وحب الأموال والتجارة الذي هو مظهر الرابطة الاقتصادية، وحب المادة والمال.
ولو أن المسلمين آمنوا بهذه الآية الإيمان الذي يظهر أثره في نفوسم وأعمالهم وآمنوا كذللك بما نزل في التفرق بسبب اختلاف الدين مثل قوله تعالى: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء " ما فرقت بينهم المذاهب الدينية ولا الأهواء السياسية، ولا العصبيات الجنسية، ولا تباعد الأمكنة، ولا اختلاف الأقطار، ولكنهم إذ تركوا دينهم تفرقوا شيعا وتجزءوا أمما، فزالت قوتهم وذهبت ريحهم، واستولي غيرهم ولن يصلح أمرهم إلا برجوعهم إلى كتابهم واستمساكهم بوحدتهم، ففيها وجودهم واستراداد قوتهم وعزتهم. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين؟