/ صفحه 438/
كان من شأنهم إخفاء بعض ما في كتبهم بكتمانه تارة، وإغماضه بالتأويل تارة أخرى، فجاء محمد (صلى الله عليه وسلم) بإظهار كثير مما كانوا يكتمون، وإيضاح كثير مما كانوا يُغمضون.
2ـ " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" 4/ إبراهيم.
أى ليفهمهم ما أمر بتبليغه بيّناً واضحاً.
3ـ " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" 44/النحل.
أى لتظهره وتوضحه توضيحا ييسر لهم الا نتفاع به.
يبين (ب) وتقول: أبان الشيءُ أى وضح، وأبنت الشيءَ أى أوضحته، ومن المتعدى أبان الرجل بمعنى أفصح، أصله: أبان كلامه، فقطع عن المفعول.
وقد جاء المضارع من هذا الفعل في الكتاب الكريم بهذا المعنى، وذلك قوله تعالى حكاية لما افتراه فرعون على موسى:
"أم أنا خير من هذا الذي هو مَهين ولا يكاد يبين" 52/ الزخرف.
لمزه بما كان في لسانه من عقدة تمنعه بعض الإيضاح، ولم يدر أن الله حلها إجابة لسؤله، وليفقهوا قوله.
(ج) وتقول: تبين الشيء أى اتضح وظهر، وتبينته: إذا تأملته فوضح لك، ومنه تبيّن فلانُ في أمره بمعنى تثبت وتأني، وذلك لأن تدبر الأمر لتعرّفِه واضحا يقتضى التثبت والتمهل، والفعل في هذا مقطوع عن المفعول ليفيد العموم بتبُّين جميع الأحوال المتعلقة بالأمر.
وقد جاءت الصيغ الثلاث من هذا الفعل في الكتاب الكريم:
فأما الماضى فقد جاء في اثنى عشر موضعا، منها موضع واحد تعدى فيه الفعل إلى المفعول، وذلك قوله تعالى في شأن سليمان لما قضى عيه الموت ولم تعلم الجن بموته في حينه: