/ صفحه 4/
أو جنوب، صوت خلفاء "بلال" يجلجل بشعيرة الإسلام . فما من هؤلاء أحد إلا قد أرضاه، وأثلج صدره، وأقر عينه، أن تقوم في القاهرة المعزية مدينة الأزهر جماعة تدعو إلى الوحدة، وتبصر المسلمين بعواقب التفرق، وتجمعهم على أصول دينهم، وأمهات عقائدهم، وتنفى عنهم زيع الزائغين، وتحريف المبطلين وغول الغالين، وقلى القالين وتردهم إلى حكم الله ورسوله إذا اختلفوا، وتلك سبيل المؤمنين .
ذلك بأنهم جميعا قد ذاقوا وبال التفرق، في شعوبهم وبلادهم وعلومهم وثقافاتهم وسياستهم وثرواتهم وسائر مرافقهم، وأدركوا أن والحرب التي أعلنت عليهم منذ قرون قد طحنتهم أرحاؤها، واغتالتهم أغوالها، وأنها حرب بهم عليهم، زين لهم أن يوقدوها ويكونوا وقودها، ثم رأوا الذين أغروا بينهم مجانبيها مكرا وختلا يقولون إنا منكم ومن خصوماتكم براء "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين" لذلك نظروا إلى "جماعة التقريب" نظرة من أحاط بهم الحريق المنقذين، واستمعوا إلى صوت "رسالة الإسلام " كأنه صلصلة الأجراس، التي تؤذن بوشك النجاة والخلاص.
وإذا كنت قد قلت: إن هذا هو شعور الأمة الإسلامية كلشها، لا فرق بين ناطق بالعربية أو بغيرها من اللغى، فلم يكن ذلك إسرافا في ذكر الحقيقة، أو تعلقا بجانب من الأمل أو الخيال، فإن بحوث هذه المجلة تنقل إلى أهم اللغات التي يتحدث بها المسلمون كالتركية والفارسية والانجليزية والأوردية، وإن أعدادها تصل باتنظام إلى الأندية العلمية والمكتبات وكل ذي رأى من جماعة أو فرد في العالم الإسلامي، وإن الرسالات التي يحملها إليها البريد، أو تتلقاها عن أصحابها "دار التقريب" شفاها في زياراتهم أو مقابلاتهم لبعض أعضائها، لصلات علمية وثيقة بيننا وبين أصحاب الفكر الحر، والآراء الناضجة، وأمارات واضحة على حيوية الروح الإسلامي، وعمق إحساسه بما آل إليه أمره، وشدة رغبته في التخلص