/ صفحه 399/
الفقهية اللاتى تفرعت من مذهب الإمام الأعظم زيد بن على (عليه السلام)، فإنها مهما اختلفت عن أصلها في بعض من المسائل الفقهية اليسيرة، أو خالف بعضها بعضاً في شيء من ذلك، نراها تتفق كثيراً مع أصلها في عدة مسائل كثيرة كبرى وتوافق غيرها من المذهب الإسلامية الأخرى، كما وافقها أصلها، لأنها فرق متفرعة عنه، ومتولدة منه، ولا تخرج عنه إلا نادراً، لاسيما المذهب الهادوي، الذي أسسه إمام اليمن الإمام الهادى يحيى بن الحسين رضوان الله عليه، وتمذهب به زيدية اليمن، وظل المذهب الرسمى للحكومة اليمنية أكثر من ألف عام، وهو أيضاً كأصلة في الموافقة غالبا لماعليه المذهب الإسلامية الأخرى وعلى الخصوص مذهب الحنفية الذي يتمذهب به كثير من المسلمين، وتمذهب به كثير من دول الإسلام وحكوماته قديماً وحديثاً، وظل المذهب الرسمى للحكومة المصرية حتى الآن، وكتب الهادوية شاهدة على ما قلته من الموافقة، حتى كان بعض ائمة الهادوية يرى الأخذ من أقوال أبى حنيفة ـ إذا لم يجد للهادى نصاً في آية مسألة فقهية ـ مذهباأ للإمام الهادى وهذا أكبر دليل على أن المذهب الحنفى والمذهب الهادوى أخوان.
بل يمكن أن أصرح للقاريء بأن المذهب الحنفى أقرب إلى المذهب الزيدى أو الهادوى منه إلى المذهب الحنبلي، نعم ربما تفردوا بأقوال قد لا يوافقهم عليها أحد من أئمة المسلمين، ولكن في مسائل جزئية محصورة، تعد بالأصابع، لا تخرجهم إلى البدعة، ولا توجب نبزهم بالشذوذ والبتداع.
وكم من عالم شذَّ في بعض أقواله العلمية، وآراءئه الفقهية، واغتفروا له ذلك الشذوذ، ولم يخرجوه من دائرة السنة إلى البدعة، ولم ينبزوه بالشذوذ والابتداع.
وهم أيضاً أبرياء مما اتهمهم البعض به، من عدم دراستهم لكتب الحديث الشريف، وعدم العمل والاحتجاج بما فيها، كيف لاوهذه كتبهم أكبر برهان على رد هذه التهمة التي ليس لها مستند سوى توهم أن تفردهم برواية كتب حديثية رويت لهم من طريق أهل البيت مما يدل على جهلهم بكتب الحديث المشهورة المتداولة لدى جماهير المسلمين، والواقع أنهم جمعوا بين الدراسة لكتب أهل البيت النبوي
كالمجموع الفقهى والتجريد والأماليات، وبين الدراسة لكتب المحدثين كالأمهات الست وما