/ صفحه 389/
ضرورات المذهب عند الشيعة على نوعين: النوع الأول يعود إلى الاصول، وهى الامامة، فيجب على كل شيعى إمامى أن يعتقد بإمامة الاثنى عشر إماما، ومن ترك التدين بإمامتهم عالما كان أم جاهلا، واعتقد بالأصول الثلاثة، فهو عند الشيعة مسلم غير شيعي، له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، فالاإمامة أصل لمذهب التشيع الذي يرجع معناه ودليله إلى حديث الثقلين (مثل أهل بيتى كسفينة نوح من ركبها نجاء ومن تخلف عنها غرق).
النوع الثانى من ضرورات مذهب الشيعة يرجع إلى الفروع، كنفى العول، والتعصيب، ووجوب الاشهاد على الطلاق، وفتح باب الاجتهاد، وما إلى ذلك مما اختصوا به دون سائر المذهب الإسلامية، فمن أنكر فرعا منها مع علمه يثبوته في مذهب التشيع لم يكن شيعياً.
وأغتنمُ هذه المناسبة لألفت نظر من يحتج على الشيعة ببعض الأحاديث الموجودة في كتب بعض علمائهم، ألفت نظره إلى أن الشيعة تعتقد أن كتب الحديث الموجودة في مكتباتهم ـ ومنها الكافي، والاستبصار، والتهذيب، ومن لايحضره الفقيه ـ فيها الصحيح والضعيف، وأن كتب الفقه التي ألفها علماؤهم فيها الخطا والصواب، فليس عند الشيعة كتاب يؤمنون بأن كل ما فيه حق وصواب من أوله إلى آخره غير القرآن الكريم، فالأحاديث الموجودة في كتب الشيعة لا تكون حجة‌ على مذهبهم، ولا على أى شيعى بصفته المذهبية الشيعية، وإنما يكون الحديث حجة على الشيعى الذي ثبت عنده الحديث بصفته الشخصية.
وهذه نتيجة طبيعية لفتح باب الاجتهاد لكل من له الأهلية، فإن الجتهاد يكون في صحة السند وضعفه، كما يكون في استخراج الحكم من آية أو رواية.
ولا أغالى إذا قلت: إن العتقاد بوجود الكذب والدس بين الأحاديث ضرورة من ضرورات دين الإسلام من غير فرق بين مذهب ومذهب، حيث اتفقت على ذلك كلمة جميع المذاهب الإسلامية؟