/ صفحه 194/
ذلك إلى الهرج والمرج، والفوضى في أحكام الشريعة الإسلامية، والتلاعب حسب الأهواء، فيتسنى للفقيه على هذا أن يحكم بحلِّية الربا مثلاً، لأن فيه مصلحه، والفائدة والمصلحة تعارض النص وتقدم عليه في المعاملات، إلى كثير من أمثال هذا، وهل ذلك إلا لفوضى والتلاعب بأحكام الشريعة؟ نعم يمكن العمل بالمصلحة حيث لا دليل لفظى من نص أو ظاهر، ويرجع ذلك إلى حكم العقل والقياس، فإن الأدلة الشرعية عندنا أربعة: الكتاب والسنة والاجماع والعقل. وهنا مباحث واسعة، وتحقيقات عميقة ودقيقة لا مجال للخوض فيها في هذه الكلمة العابرة، ومهما يكن من شيء، فنحن لا نحاول الحجر على العلماء الأعلام من أعضاء جمعية التقريب، ولا إلزامهم بألا يذكروا في رسالتهم مالعله يمس جوهر التشريع الإسلامي، ولكن الجدير بهم ـ بل الازام ـ أنهم إذا نشروا شيئا من هذا القبيل يعلقون عليه، ويعدلون ميله، ويكبحون جماحه وترفه، ولعل في مراجعة مؤلفنا "تحرير المجلة" وهو عدة أجزاء من يوضح شيئا من هذا الموضوع، أو ناحية منه، وبالله المستعان ومنه التوفيق؟
رسالة الإسلام
تشكّر فضيلة الشيخ الموقر على هذه الغيرة الأصيلة التي تمتليء بها نفسه على الشريعة الغراء، وتطمئنه على أن الغرض من نشر أمثال هذه الرسالة، هو بيان ما امتاز به أفق المفكرين المسلمين من سعة في التفكير، وسعة في التقبل، لم يؤد أحدهما إلى تشاحن أو تباغض أو ترام بالنهم، فاذا كان الأمر وصل إلى هذا الحد فيما حفظه التاريخ للسالفين من تراث، فأجدر. للاحقين ألا يعولوا على الخلافات الفكرية تعويلا يقطع الأواصر، ويحل الخناصر.
أما رأى الطوفى أو رأى سواه في شيء بذاته، فإنه رأى خاضع للبحث والنظر، وأن يتلقاه العلماء بما يرون من تأييد أو نقض، عمادُهما البرهان والحجة، "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
وإن صفحات "رسالة الإسلام" لمعرض آراء ومجلى درس وتبيان.
والشيخ الأجل وافر الشكر، وخالص الدعا: أطال الله في حياته، ونفع المسلمين بعلمه وبركاته؟
في أسْرَة التَّقْريبْ
للشيعة الزيديدة بجماعة التقريب عضوان كريمان هما صاحبا السعادة القاضى محمد بن عبدالله العمري، والسيد علي بن اسماعيل المؤيد، وقد انظم إليهما أخيرا حضرة صاحل المعلى السيد الحسن بن علي بن إبراهيم وزير الدولة بالمملكة المتوكلية اليمنية وهو شخصية من الشخصيات الممتازة المعروفة بالعلم والأدب وأصالة الرأي، وله عناية كبرى بفكرة التقريب ونشاط محمود في خدمتها، وقد حضر ـ بصفة خاصة ـ الجلسة التي عقدتها الجماعة في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر جمادى الأولى سنة 1369هـ، وتقدم إلى الجماعة بطلب انضمامه إليها، فرحبت الجماعة بمعاليه وأجابته إلى ما طلب، فهنئه ونعتقد أن أسرة التقريب قد كسبت بانضمامه إليها عضواً نافعاً مخلصاً، ونسجل كلمة معالية التي ألقاها في هذا الجلسة:
سادتى لقد كان من حسن حظى أن حضرت الاجتماعات الأولى التي عقدت عند تأسيس هذه الدار، وعرفت إذ ذاك أن الفكرة التي طالما كان يحلم بها كل مؤمن غيور على هذه الأمة، حريص على وحدتها وعزتها؛ قد آذنت شمسها بالطلوع من هذا الأفق، وأن هذه الدار ستكون العامل الأول لتحقيق هذه الغاية الشريفة عن طريق نشر الدعوة الصحيحة التي تثبت للعالم أن الخلافات اليسيرة في وجهات النظر المستوحاة من الأدلة لا توجب بتاعداً ولا تنابزاً يؤثران في صميم الوحدة التي أو جدها الرباط الإسلامى المقدس، وقد كنت إذ ذاك أجد في نفسى شوقاً بل حنيناً إلى أن أكون أحد أعضاء هذه الجماعة المباركة ليكون لى حظ العمل في هذا المضمار، ولكن الظروف كانت تحول دون تحقيق ماكنت أصبو إليه، وإنه لمن دواعى سرورى اليوم أن أجد نفسى محلا لحسن ظن حضرة صاحب السماحة السكرتير العام الشيخ محمد تقى القمي، وسعادة الأخ السيد على المؤيد اللذين رأيا أن أنال حظى من الاشتراك المبارشر في هذا العمل الذي كنت مشتركا فيه منأول يوم بقبلي، وأيدا طلبي، فأتقدم إلى سعادة الرئيس وحضرت الأعضاء الكرام راجيا أن يعتبرونى زميلا عاملا معهم في خدمة الفكرة الشريفة بجهودى المتواضعة، وأرجو من الله سبحانه أن يشمل الجميع بتوفيقه وعنايته، وأن يجعل ثمار هذه الجماعه دانية القطوف إنه ولى التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل؟