/ صفحه 64/
إذا تفرقت بمعنى أن هذه الجسيمات إذا خرجت من النواة نقص وزن مجموعها على حساب طاقة كبيرة تخرج للخارج.
إنما أود أن أصل مع القارئ إلى نتيجة صعبة: ذلك أن أشرح له إحدى الحالات التي تتحول المادة فيها إلى طاقة، وأعود فأقول أننا إذا وضعنا عشرة قروش على كفة الميزان فإن مجموع وزنها يساوي مجموع وزن كل من هذه القروش مأخوذة على حدة، ولكن إذا اعتبرنا الجسيمات المكونة للنواة فإن أمرها يختلف عن ذلك، فمجموع كتلة هذه الجسيمات مجتمعة يختلف عن مجموع كتلتها متفرقة، ذلك أنه من الميسور لنا وضع العشرة قروش فرادى أو مجتمعة في مكان ما، بينما لا نستطيع أن نجمع في سهولة مجموعة من جسيمات النواة على الشكل المجتمعة فيه بالنواة، ويبدو أنه قد صرفت طاقة كبيرة لجمعها على هذه الصورة، طاقة أدخرتها لنفسها لبقائها مجتمعة، وهي الطاقة التي تخرج إذا استطعنا تفريقها، وهذه الطاقة تعادل النقص المادي في كتلة المجموعة بعد تشتيتها.
ويعتبر هذا في نظر العلماء المحدثين انعدام جزء من المادة تحول إلى طاقة. من هنا نرى أن ما يقال عن عالمنا الكبير الذي نعيش فيه لا يقال عن هذا العالم الصغير عالم النواة وسكانها وكأني بالدنيا طاقة ومادة موجودتان في الحيز والزمان، وكأني بالمادة صورة متبلورة من صور الطاقة يمكن بعملية معنية أن تعود سيرتها الأولى.
على أن أول من دل على طاقة تخرج من المادة على شكل جسميات هاربة أو على شكل إشعاع هو (بكارل) ومدام (كوري)، وتم ذلك في معامل السوربون بباريس منذ نصف قرن، فقد كشف بكارل الخواص المشعة لمادة اليورانيوم وكشفت كورى مادتي البولونيوم والراديوم.
ولم تمض بضع سنوات حتى بات معروفاً كنتيجة لنظرية النسبية لصاحبها (اينشتاين) العالم الألماني المعروف الذي هاجر إلى جامعة برنستون بأمريكا،