/ صفحه 30 /
بين القانون الروماني والشريعة الإسلامية
للباحث القانوني الكبير
الأستاذ محمد الشافعي اللبان بك
جاء الإسلام ديناً ودولة، فحوت الشريعة الغراء إلى جانب ما جاءت به من أحكام العبادات قواعد المعاملات بين الناس، تقررت أصول تلك القواعد فيما أنزله الله تعالى في كتابه العزيز، وفيما استنه نبيه الكريم من قول وفعل وتقرير، ثم استكملت تفصيلاتها بالاجماع، ثم بالقياس، فتمت بذلك للشريعة مصادرها الأربعة من الكتاب والسنة والإجماع، والحمل على واحد منها، واحتلت المكان الأول بين الشرائع بما انفردت به أحكامها وأساليبها من دقة بلغت حد الاعجاز، فواجهت حاجات الناس في كل عصر وفي كل مكان.
وقد كان للأئمة والمجتهدين أثر محمود في هذه النتيجة، فهم ـ مع ما قيدوا أنفسهم به في استنباط القواعد والأحكام من ردها إلى أصولها في الكتاب أو السنة ـ قد سلكوا مع ذلك في فتاويهم وفي اجتهادهم الطريقة المعروفة في اصلاح رجال القانون بالطريقة الفرضية الموضوعية التي تقوم على طرح الفروض التي تمس الحياة العملية دون غيرها مع الاقتصار على وضع الأحكام للحوادث الواقعية ومقتضياتها، فكان من نتائج ذلك تلك الثروة الفقهية الباقية على الدهر، والتي يجد الباحث فيها دائماً الحكم في كل ما يعرض له من حوادث، وما يقع من أقضية.
انفرد علماء المسلمين بهذه الطريقة، فخالفوا بها من تقدمهم من فقهاء الشرائع القديمة، وخاصة الشريعة اللاتينية التي قامت على وضع نظم ونظريات وتقرير قواعد وأحكام، ثم إخضاع الحوادث لها قسراً ولو على حساب العدالة، ومع