/ صفحه 260 /
شئ فإن أمامنا في اللجنة الثقافية لجماعة التقريب مشروعا يرمي إلى توحيد المسلمين ثقافياً، أو إن شئت فقل توحيد الثقافة الإسلامية بين المسلمين: فكرة ضخمة، ومشروع جليل، ينظر إلى المسلمين كأمة واحدة، لغاتها محترمة عند الجميع، آدابها للجميع، رجالها للمسلمين عامة.
ليس أحد ينكر على المسلم أن يعرف الأدب الغربي، لكن عليه في الوقت نفسه أن يعرف شيئاً عن أدب رجال نشئوا في الإسلام، ونبغوا في البلاد الإسلامية، لا مانع يمنع المسلم أن يعرف اللغة الغربية، ولكن مما ينكر عليه ان لا يعطي قسطا من اهتمامه للغات الإسلامية ـ ولعل منها ما يتكلم به أكثر من مائة مليون من المسلمين ـ فتكون لغة التخاطب بين كثير من المسلمين بعضهم وبعض إحدى اللغات الغربية، لأن كلا الطرفين المسلمين لا يعرف من لغة الاخر شيئا.
ليس بمنكر على المسلم ـ بل من المستحسن ـ ان يعرف كثيرا من القارة الاوربية أو الامريكية أو غيرهما، غير انه بوصفه مسلما عليه أن يعرف أكثر مما يعرفه الان عن البلاد الإسلامية وأقطارها.
أن توحيد المسلمين ثقافيا لا ينافي أن تعمل كل طائفة من الطوائف الإسلامية، بما ثبت عندها واعتقدته، مادام هذا لا يمس العقائد الاساسية، التي يجب الإيمان بها، ولكن من الواجب ان تعرف كل طائفة من المسلمين حقيقة عقائد الاخرين، لعلها تجد فيها ما تستفيد منه، أو ـ على الاقل ـ إذا اراد أحد باحثيها ان يكتب عنهم شيئا، أو ينقل بعض فتاواهم، فلا يكتب (وأما ما سمعنا عنهم أنهم يقولون كذا وكذا أو أنه يقال عنهم كذا وكذا) ولعمري ان هذا لسبة في جبين العلم: أن لا يتعب رجاله أنفهسم بالبحث عن كتاب يجدون فيه كل ما يبحثون عنه، من غير أن يسندوا أقوالهم إلى السماع، وكثيراً ما يجيء هذا القول المسموع من ذوى الاغراض الخبيثة.
ومما هو واضح أنه ليس معنى توحيد الثقافة، توحيد اللغة، وليس هذا امراً ممكناً، ولعله لا يفكر في هذا، ولا يتفوه به، إلا من يريد أن يبعث