/ صفحه 236/
يقبل وفيما يرفض، وفيما يصح وفيما لا يصح، ليس على الوسط من الناس فحسب ولكن على بعض ذوي العقول الراجحة والذكاء الألمعي ايضاً، ولم يسلم من ذلك الا من عصم الله وقليل ما هم.
وقد شهدت الأمة الإسلامية مع هذا نوعاً آخر من أنواع الخلاف والتفرق هو خلاف الأتباع والمتعصبين للأئمة الذين ظنوا التزام مذهب من المذاهب بعينه دينا لا يجوز للمسلم أن يخالفه، وأدرجوا ذلك في حكم العقائد، ورتبوا عليه مسائل فقهية بحثوا فيها حكم من قلد غير الأربعة، ومن قلد غير إمامه حتى من الأربعة ومن لفق في العبادة أو المعاملة بين لمذاهب عدة، ومن أفتى بغير الراجح أو المعول عليه أو المفتى به، أو بتعبير أدق، بغير ما وصف في الكتب بأنه كذلك، إلى غير هذا من المسائل التي ما أثارها الا العصبية المذهبية، والتي قامت بنصيبها في تفريق الأمة الإسلامية.
بات المسلمون من ذلك كله في ضعف، وقاسوا منه أهوالاً شداداً، وأدرك المخلصون من أبناء هذه الأمة أن لا نجاة لها مما وقعت فيه إلا إذا عادت إلى ما كانت عليه في عهدها الأول، حين كان الشمل مجتمعا، والعلم صافياً، والدين واضحا، والمرجع كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) التي صحت روايتها، واستقامت دلالتها، ينزل على حكمها المختلفون، ويصطلح عليها المتخاصمون.
وذلك في نظرنا يستدعي أمرين عظيمين، يجب على كل مؤمن أن يكون له مساهمة في نجاحهما:
الأمر الأول: إصلاح الحالة العلمية، والعمل على إنشاء جيل من العلماء يكثر به سواد المصلحين، وتعزز به جهود أولئك الدعاة إلى الحق، المجاهدين للباطل والفاسد، الذي يلاقون من خصومهم ما يلاقون من الرمي والنبز والتأثيم لمجرد انهم تجرءوا على خلاف ما درجوا عليه وورثوه.
إن أعداء الإسلام ينظرون الينا فرحين مستبشرين، إذ يجدون التفاوت