/ صفحه 110 /
جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده المصري، ولعل المسلمين يومئذ لم يكونوا قد انبعثوا لاصلاح شئونهم كما انبعثوا اليوم.
وإني أثبت هنا نص ما جاء في العدد الخامس من مجلة (العروة الوثقى) التي كان يصدرها الحكيمان العظيمان، عن تلك الناحية من نواحي الاصلاح فيالأمة: (من الواجب على العلماء قياماً بحق الوراثة التي شرفوا بها على لسان الشرع أن ينهضوا لإحياء الرابطة الدينية، ويتداركوا الاختلاف الذي وقع، بتمكين الاتفاق الذي يدعو إليه الدين، ويجعلوا معاقد هذا الاتفاق في مساجدهم ومدارسهم حتى يكون كل مسجد وكل مدرسة مهبطاً لروح حياة الوحدة، ويصير كل منها كسلسلة واحدة إذا أهتز أحد اطرافها اضطرب لهزته الطرف الاخر، ويرتبط العلماء والخطباء والائمة والوعاظ في جميع أنحاء الأرض بعضهم ببعض، ويجعلوا لهم مراكز في أقطار مختلفة يرجعون إليها في شئون وحدتهم، ويأخذون بأيدي العامة إلى حيث يرشدهم التنزيل وصحيح الاثر، ويجمعوا أطراف الوشائج إلى مَعقِد واحد حتى يتمكنوا بذلك من شد أزر الدين، وحفظه من قوارع العدوان، والقيام بحاجات اللغة، إذا عرض حادث الخلل، وتطرق الاجانب للتداخل فيها بما يحط من شأنها، ويكون ذلك أدعى إلى نشر العلوم، وتنوير الأفهام، وصيانة الدين من البدع).
وإنا لنرجو أن يكون الله قد أذن بتحقيق هذا الأمل الذي طالما اشتاقت إليه القلوب المؤمنة، والنفوس الطيبة، وأن يكون (المعقد العام) الذي أشار به الحكيمان و (المعاقد) الاخرى التي تتصل به هي (دار التقريب) في القاهرة، وفروعها في شتى البلاد الإسلامية.
أما (رسالة الإسلام) فلعلها (العروة الوثقى) في هذا الزمان.
محمد محمد المدني