/ صفحه 107/
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
لاشك أن بلاد العالم الإسلامي تتمتع في هذا العصر بقسط وافر من المدنية وألوان الحضارة، وتتعلق من العلوم الحديثة بأسباب ربما جعلت بعض شعوبها في طليعة الأمم فناً وصناعة وعلماً.
ولا شك أن الوعي القومي، والإدراك السياسي في الشعوب الإسلامية قد صحا بعد غفوة طال عليها الأمد، فاشرأبت الأعناق، وارتفعت الرؤوس، وامتدت العيون إلى أفق الحياة ترصد كوكب العزة والقوة والحرية أن يبزغ، فيعود الإسلام سيرته الأولى، ويراه العالم ـ كما كان، وكما ينبغي أن يكون ـ دين السادة والقادة، والأباة الأحرار.
ولو ان أمراً رجع إلى التاريخ القريب ليعرف حالة الأمة الإسلامية في القرنين الماضيين، لوجدها قد وصلت إلى أدنى درجات الضعف والانحلال، والجهل والتخبط، والذل والاستعباد، لا فرق في ذلك بين النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية والصناعية والصحية، ولا فرق في ذلك أيضاً بين شعب وشعب في ربوع أفريقيا، أو أنحاء آسيا، أو أرجاء أوروبا، أو حيث تَرِّدُ كلمة التوحيد في أصقاع الصين والملايو وإندونيسيا، ولكن هذا الظلام قد بدأ ينجاب شيئاً فشيئاً منذ أواخر القرن الماضي، حتى أصبحث العيون ترى، والآذان تسمع، والقلوب تدرك، ولا سيما بعد هاتين الحربين الضروسين وما سبقهما أو توسط بينهما من حروب أخرى هزت العالم من بطاحه ورعانه، وكانت للأمم بمثابة قوارع تصيبهم أو تحل قريبا من دارهم، فتعلمهم ما لم يكونوا يعلمون.