ـ(198)ـ
وهذه المواقف هي التي أدت إلى محنته، فحمل إلى بغداد، وسجن، وضرب بالسياط، ودس إليه السم فمات سنة 150 هـ.
أما بالنسبة(للامام مالك) فيرى أن فكره السياسي قد تطور على أربع مراحل:
المرحلة الأولى: اتسمت بالولاء للخليفة العباسي المنصور، وأخذ العطاء منه.
المرحلة الثانية: بدأت منذ سنة 144، حين استطاع محمد النفس الزكية أن يحصل على تأييد أهل المدينة، وأدرك مالك قوة محمد، وعلم أنه أصبح أقوى من المنصور، فأفتى بجواز الخروج معه. وحين سعى أهل المدينة يستفتون مالكا في الانضمام إلى الثوار، مع أن في أعناقهم بيعة للمنصور قال: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين. ولم يزد على الإفتاء.
أما هو فقد لزم بيته.
المرحلة الثالثة: مرحلة التحفظ، والامتناع عن الخروج على الحاكم الظالم، لاقتناعه بعدم إمكان القيام بأية ثورة ضد المنصور، بعد ما رأى ما نزل بأهل المدينة أثناء ثورة النفس الزكية.
المرحلة الرابعة: رفض الخروج على الحاكم الظالم. وتبدأ من سنة 148 هـ. وفي هذه السنة حصل مالك من المنصور على صلاحيات واسعة في الفقه والقضاء(1).
أما بالنسبة(للامام الشافعي) فيذكر الكاتب محنته في مطلع حياته العلمية، بعد أن ذهب جابيا إلى اليمن، ويستعرض الروايات المتناقضة بشأن هذه المحنة، ويظهر أنه وشي عليه باشتراكه مع الطالبيين. وينقل رواية إبراهيم بن محمد الشافعي: أن الشافعي حبس مع قوم من الشيعة بسبب التشيع وهو باليمن، فوجه اليّ يوما وقال: ادع لي فلانا المعبّر، فدعوته له فقال: رأيت البارحة كأني مصلوب على قناة مع علي بن أبي طالب. فقال: له: إن صدقت
______________________
1 ـ ص 193 ـ 201.