فوافقت صاحبنا حفظه الله على ما ذهب إليه من أنه أرجح المذهبين وأوضح المأخذين حسبما ظهر بباديء النظر وبقي في الخاطر تردد ما إرجاء لإنهاء النظر إلى غايته وترجيا لانجياب غيايته ثم إني لما فصلت عنه بت ليلتي تلك ممعنا النظر في المسألة لمكان المختلفين وعلو قدرهما متتبعا كلام الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج جامعا أطراف كلامه ملاحظا مواقع حججه نائبا في كل ذلك عن الإمام أبي عبد الله مستحضرا لأدلته قائما بحجته ناظرا فيها مع حجة خصمه محاكما له في كل ذلك إلى حكم الإنصاف منكبا عن إعتساف طرق التعسف إلى أن زاد عندي وضوحا ما ذهب إليه صاحبنا أبو القاسم حفظه الله وانجابت تلك الغياية ولاحت بدائع واستثيرت عجائب وفلجت حجة أبي عبد الله على أبي الحسين وثلجت النفس بها ووضحت محجة قوله وانزاح ما استدل به خصمه من الشبه بحيث لو عرض ذلك على الإمام أبي الحسين يرحمه الله ووقف على النقض الوارد عليه من كلامه والنقص المعوذ لكماله لم يسعه إلا الإقرار به والإذعان له .
فعندما اتضح القول ونجح بحمد الله الفعل عرضت ذلك على صاحبنا أبي القاسم مستزيدا ما لعله يظهر له في ذلك مستفيدا ما تبرزه الأفكار عند المجاراة في تلك المسالك وجلوت عروسه عليه وزففتها فضلا إليه فوفاها بما طبع عليه من الإنصاف حظها من الاستحسان وأحلها من قبوله ما ينبغي لها من المكان وباتت له حجة الفاخر بما أسند