@ .
وما لم يكن كذلك فعليه الإمساك عن الفتيا منه ومثل هذا يقع نادرا في مثل الفقيه المذكور إذا يبعد كما ذكر الإمام أبو المعالي الجويني أن يقع واقعة لم ينص على حكمها في المذهب ولا هي في معنى شيء في المنصوص عليه فيه من غير فرق ولا هي مندرجة تحت شيء من ضوابط المذهب المحررة فيه ثم إن هذا الفقيه لا يكون إلا فقيه النفس لأن تصوير المسائل على وجهها ثم نقل أحكامها بعد أستتمام تصويرها جلياتها وخفياتها لا يقوم به إلا فقيه النفس ذو حظ من الفقه قلت وينبغي أن يكتفي في حفظ المذهب في هذه الحالة وفي الحالة التي قبلها بأن يكون المعظم على ذهنه لدربنه متمكنا من الوقوف على الباقي بالمطالعة أو ما يلتحق بها على القرب كما اكتفينا في اقسام الاجتهاد الثلاثة الأول بأن يكون المعظم على ذهنه ويتمكن من إدراك الباقي بالاجتهاد على القرب وهذه أصناف المفتين وشروطهم وهي خمسة وما من صنف منها إلا ويشترط فيه حفظ المذهب وفقه النفس وذلك فيما عدا الصنف الأخير الذي هو أخسها بعدما يشترط في هذا القبيل .
فمن انتصب في منصب الفتيا وتصدى لها وليس على صفة واحد من هذه الأصناف الخمسة فقد باء بأمر عظيم ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم .
ومن أراد التصدي للفتيا ظانا كونه من أهلها فليتهم نفسه وليتق الله ربه تبارك الله وتعالى ولا يجد عن الأخذ بالوثيقة لنفسه والنظر لها .
ولقد قطع الإمام أبو المعالي وغيره بأن الاصولي الماهر المتصرف في الفقه لا يحل له الفتوى بمجرد ذلك ولو وقعت له في نفسه واقعة لزمه أن يستفتي غيره فيها ويلتحق به المتصرف النظار البحاث في الفقه من أئمة الخلاف وفحول المناظرين وهذا لأنه ليس أهلا لإدراك حكم الواقعة استقلالا لمقصور آلته ولا